للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلُّ هَذِهِ المسائل لم يرد بيانها في الشرع، ولا في كلام العرب؛ فرجع الفقهاء فيها إلى العرف والعادة.

ولأَجْل ذَلكَ: كثرت آراء الفقهاء وتنوَّعت وتعدَّدت في مسائل الحيض.

مسألة سن المحيض:

نُقِلَ عن الإمام الشافعي أنه وجد أثناء رحلته إلى اليمن امرأة جدَّة وهي في سن الحادية والعشرين (١)، فهَذ الجدة ينبغي أن تكون تزوَّجت وهي ابنة تسعٍ، وأنجبت في العاشرة من عُمُرها، فذهب بعض الفقهاء إلى أن الحيض يبَدأ من السنة التاسعة من عمر المرأة (٢).

مسألة أقل الحيض وأكثره: ورد في تحديده حديثٌ؛ ولكنه ضعيفٌ (٣).

وجُلُّ مسائل الحيض لم يرد فيها نصُّ؛ فكان المرجع فيها للعادة.

فالمَرأةُ الَّتي تحيضُ ستةَ أيام أو سبعةً من كل شهرٍ أو أكثر أو أقل تأخذ بعادتها؛ كمَا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامِ، أَوْ سَبْعَةَ أَيَّام؟ فِي عِلْمِ اللَّهِ" (٤).

وكذلك المرأة التي تستطيع التمييز بين الدمين: لا إشكال في أمرها، بخلاف المرأة المتحيرة -وهي التي ترى الدم يومًا، ثم ينقطع يومًا آخر،


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٤٧٦) بسنده إلى الشافعي قال: "رأيت بصنعاء جدة بنت إحدى وعشرين سنةً، حاضت ابنة تِسْعٍ، وَوَلدتْ ابنة عَشْرٍ، وَحَاضت البنت ابنة تِسْعِ، وَوَلدتْ ابنة عَشْرٍ".
(٢) يُنظر: "الأم" للشافعي (٥/ ٢٢٩)، حَيْث قال: "وأعجل مَنْ سمعت به من النساء حضن نساء تهامة يحضن لتسع سنين".
(٣) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (١/ ١٨٩)، عَنْ أبي أُمَامة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أقلُّ الحَيض ثلاث، وأكثرُهُ عشرٌ"، وقال الأَلْبَانيُّ في "السلسلة الضعيفة" (١٤١٤): منكر.
(٤) أخرجه أبو داود (٢٨٧)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>