للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاللَّبَنِ وَالحُقْنَةِ بِهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمْ فِي ذَلِكَ لِمَوْضِعِ الشَّكِّ، هَلْ يَصِلُ اللَّبَنُ مِنْ هَذه الأَعْضَاءِ؟ أَوْ لَا يَصِلُ؟).

الذين قالوا بأن السعوط يُحرِّم إنما قاسوه على الصيام (١)؛ فقالوا: لو أنه دخل إلى جوف الإنسان شَيْءٌ عن طريق الأنف ألَا يُفطِّر؟ قالوا: بلى، والذين منعوا ذلك قالوا: فرق بين الصيام وغيره؛ لأن الصيام لا يُشترط فيه إنشاز العظم وإنبات اللحم، بينما هنا في الرضاع يُشترط ذلك. وأكثر العلماء على أن السعوط يُلحَق بالوَجور؛ لأنه سيمر عن طريق الحلق، ثم بعد ذلك ينزل إلى المعدة فيؤثر.

* قوله: (المَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: وَأَمَّا هَلْ يَصِيرُ الرَّجُلُ الَّذِي لَهُ اللَّبَن، أَعْنِي: زَوْجَ المَرْأَةِ، أَبًا لِلْمُرْضَعِ؟).

هذه من المسائل المهمّة التي ينبغي أن نقف عندها ونُبيّنها، وإن كان الخلاف فيها ليس كبيرًا فإذا نظرنا إلى القائلين بها، نجد أن كثير العلماء والصحابة وعلماء الحديث والأئمة الأربعة كلهم على أن اللَّبن يُحرم الأمّ بالنسبة للرجل؛ لأنَّ لبن الفحل (٢) يحرم.

ولذلك نجد أن الإمام (أحمد) فسَّرَ ذلك بقوله أن يكون للرجل امرأتان فتُرضِع إحداهما طفلًا صبيًّا وتُرضع الأخرى صبيَّة فلا يجوز للصبيِّ أن يتزوج الصبية إذا كَبِر (٣).

ولما سُئل عبد الله بن عباس عن مثل هذه المسألة: رجل له امرأتان


(١) يُنظر: "المهذب في فقة الإمام الشافعي" للشيرازي (لمم ١٤٣) حيث قال: ويثبت بالسعوط؛ لأنه سبيل لفطر الصائم فكان سبيلًا لتحريم الرضاع كالفم.
(٢) "الفحل": الرجل تكون له امرأة ولدت منه ولدًا ولها لبن؛ فكل من أرضعته من الأطفال بهذا اللبن فهو محرم على الزوج وإخوته وأولاده منها، ومن غيرها؛ لأن اللبن للزوج حيث هو سببه. انظر: "النهاية" في "غريب الحديث والأثر" (٤/ ٢٢٧).
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ١١٣) حيث قال: قال أحمد: لبن الفحل أن يكون للرجل أمرأتان، فترضع هذه صبية وهذه صبيًّا لا يزوج هذا من هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>