للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بالنسبة لعبد الله بن الزبير فقد ذُكِر عنه ذلك في أثر، في قصة زينب بنت أبي سلمة - رضي الله عنهم - فإن زينب ارتضعت من أسماء بنت أبي بكر زوج الزبير بن العوام رضي الله عنهم جميعًا.

فأصبحت أسماء أُمًّا لها من الرضاع، فهي تحكي في هذه القصة أن الزبير بن العوام كان يدخل عليها وكان يأخذ بقرن من رأسها التي تُسمَّى الجديلة (١) التي تفرقها من بعض شعر رأسها، فيقول: هَلُمَّ حدثيني، وكانت تقول: ما كنت أراه إلا أبًا، وكنت أرى أولاده إخوة لي، فما كان من عبد الله بن الزبير إلى أن أرسل إلى زينب بنت أبي سلمة يخطب منها ابنتها أمّ كلثوم لأخيه حمزة بن الزبير، وحمزة هذا إنما هو أخوه من الأب وليس شقيقه من امرأته الكلبية التي تنتسب إلى تلك القبيلة، فلمَّا أرسل إليها عبد الله بن الزبير رسوله تعجبت من ذلك؟! فقالت لرسوله: إنها ابنة أخته، هذه زينب أختهم، فرجع الرسول إلى عبد الله بن الزبير فردَّ بقوله: ما أرى إلا أنكِ أردْتِ المنع بذلك، يعني: أردت أن تجعلي ذلك عذرًا للمنع، ثم قال: أما ما أرضعت أسماء فهم إخوتها وما لا فلا، ثم قال: لها أرسلي فاسألي، فأرسلت فسألت بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: وكانوا متوافقين فأقرّوا ذلك، يعني: أن لبن الفحل لا يُحرِّم، قالت: فتزوجته حتى مات عنها (٢).

هذا هو الأثر الذي يُستَدلّ به، وهذا القول نُسب إلى عبد اللّه بن


(١) "الجديلة": سير يُرصَّع فتتخذه المرأة وتعلقها، بمنزلة الوشاح. انظر: "الجيم" للخليل (١/ ١٢٧).
(٢) أخرجه الدارقطني (٥/ ٣١٧) عن أمِّه زينب بنت أبي سلمة، قالت: كانت أسماء بنت أبي بكر أرضعتني، وكان الزبير يدخل عليَّ وأنا أمتشط، فيأخذ بقرن من قرون رأسي، ويقول: أقبلي علي حدثيني، وترى أنه أبي وإنما ولده إخوتي فلما كان قبل الحرة أرسل عبد الله بن الزبير يخطب أبنتي على حمزة بن الزبير، وحمزة ومصعب من الكلابية، قالت: فأرسلت إليه: وهل يصلح له؟ فأرسل إلي: إنما تريدين منع ابنتك أنا أخوك وما ولدت أسماء فهم إخوتك، وأما ولد الزبير لغير أسماء فليسوا لك بإخوة، قالت: فأرسلت وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون وأمهات المؤمنين، فقالوا: "إن الرضاعة من قبل الرجل لا تحرم شيئًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>