للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدار هذه النجاسة؛ لعدم وُرُود نصٍّ في مقدار ذلك، فكان المرجع في ذلك للعادة والعُرف (١).

مثال ثالث لما يرجع فيه للعرف والعادة: الموالاة (٢).


= تنبيه: إنما اختص العفو بالدم وما معه؛ لأن الإنسان لا يخلو عنه، فهو كالقربة المملوءة بالدم والقيح والصديد، فالاحترازُ عن يسيره عسرٌ دون غيره من النجاسات كالبول والغائط والمني والمذي". وانظر: "عيون المسائل" للقاضي عبد الوهاب (ص ٨٩).
مَذْهب الشَّافعيَّة، يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (١/ ٢٧٩، ٢٨٠) حيث قال: "النجاسةُ الواقعةُ في مظنَّة العفو، وهو أضرب:
الأول: الأثر الباقي على محل الاستنجاء بعد الحجر، يُعْفى عنه مع نجاسته، فلو لاقى ماءً قليلًا نجسه، ولو حمله مصلٍّ، بطلت صلاته على الأصح.
الضرب الثاني: طين الشوارع، فتارة يعلم نجاسته، وتارةً يظنها، وتارةً لا قطعًا يعلمها، ولا يظنها، فالثالث لا يضر.
والمظنون فيه القولان السابقان في باب الاجتهاد، والنجس يعفى قليله دون كثيره".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ١٢٤) حيث قال: "وإنْ كانت) النجاسات الخارجة من غير السبيلين (غير الغائط والبول، كالقيء والدم والقيح)، ودود الجراح (لم ينقض إلا كثيرها)، أما كون الكثير ينقض، فلقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث فاطمة: "إنه دم عرق، فتوضئي لكل صلاة"، رواه الترمذي، ولأنها نجاسة خارجة من البدن أشبهت الخارج من السبيل، وأمَّا كون القليل من ذلك لا ينقض، فلمفهوم قول ابن عباس في الدم إذا كان فاحشًا، فعليه الإعادة … (وهو)، أَيْ: الكثير (ما فحش في نفس كل أحد بحسبه) نص عليه. قال الخلال: إنه الذي استقر عليه قوله".
(١) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (١/ ٢٨٠) حيث قال: "والقليل: ما يتعذر الاحتراز منه، والرجوع فيه إلى العادة، ويختلف بالوقت وبموضعه في البدن".
(٢) "الموالاة": أن يوالي بين رميتين أو فعلين في الأشياء كلها. انظر: "العين" للخليل (٨/ ٣٦٥).
وعرفها الدردير في "الشرح الكبير" (١/ ٩٠)، فقال: "الموالاة: "هي فعله (يعني: الوضوء) في زمنٍ متصلِ من غير تفريق كثير؛ لأن اليسير لا يضر، ويعبر عنها بالفور، والتعبير بالموالاةَ أولى".
والموالاة يرجع في تحديدها إلى العرف والعادة، فكل ما كانت فيه موالاة، فمَرْجع=

<<  <  ج: ص:  >  >>