للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر الله لهم" (١).

أما الحنفية (٢) والشافعية (٣): فإنهم لا يرون هذين الشرطين.

يقولون: يجوز أن تنكح الزانية، ولا فرق بين أن يكون من يتزوجها هو الزاني بها أو غيره، لأن عمر - رضي الله عنه - عندما ضرب رجلًا وامرأة في الزنا حرص على أن يجمع بينهما، فأبى الرجل ذلك (٤)، ولو لم يكن ذلك جائزًا لما فعله ولو كان هناك شرط لبينه عمر.

وقالوا: هذه المرأة لا تكون فراشًا للرجل الذي زنى بها، ولا يلحق أيضًا النسب به؛ إذن لا قيمة لذلك ولا آثر له.

والذين قالوا لا بد من التوبة قالوا: وما يدرينا أن عمر - رضي الله عنه - لم يطلب منهما التوبة، ليس في ذلك ما يدل على أن عمر لم يستتبهما أو استتابهما، فنبقى على الأصل وهو أن التوبة مطلوبة.

ثم إن الرجل لو تزوج امرأة زانية وبقيت على هذا الأمر؛ فإنه لا يأمن أن تجر إلى فراشه وإليه أولادًا من غيره والله تعالى يقول: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}؛ فينبغي أن يكون نكاحها بعد أن تتوب إلى الله - سبحانه وتعالى -؛ ولذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن " (٥).


(١) أخرجه مسلم (١١/ ٢٧٤٩) عن أبي هريرة.
(٢) تقدَّم قولهم في ذلك قريبًا.
(٣) يُنظر: "البيان"، للعمراني (٩/ ٢٥٤)؛ حيث قال: "لا يحرم على الزاني نكاح المرأة التي زنى بها ولا أمها ولا ابنتها، ولا تحرم الزانية على آباء الزاني ولا على أبنائه".
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٧/ ٢٠٣) وغيره عن سباع بن ثابت الزهري يقول: "إن وهب بن رباح تزوج امرأة وللمرأة ابنة من غير موهب ولموهب ابن من غير امرأته، فأصاب ابن وهب ابنة المرأة فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب؛ فحد عمر ابن موهب، وأخر المرأة حتى وضعت، ثم حدها وحرص على أن يجمع بينهما، فأبى ابن موهب". وإسناده صحيح.
(٥) جزء من حديث أخرجه البخاري (٢٤٧٥)، ومسلم (٥٧/ ١٠٠) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>