للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا بد من شرطين، منهما:

- أن تتوب إلى الله - سبحانه وتعالى - توبة نصوحة فإذا تابت فإنه يغفر لها؛ لأن الله تعالى يقول في شأن الكافرين: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨]، وهذه قد ارتكبت كبيرة، وقد قال الله - سبحانه وتعالى - في وصف عباد الرحمن: {وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: ٦٨] ثم قال - سبحانه وتعالى - في سورة الإسراء: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢)} [الإسراء: ٣٢] فاحشة: من الفحش، وساء سبيلًا: ساء طريقًا ومنهجًا يسلكه (١).

ومن العلماء من قال: إنه يجوز أن يتزوج الإنسان الزانية شريطة ألا يكون قد زنى بها، وهذا قد أُثر عن ثلاثة من الصحابة عن عبد الله بن مسعود والبراء بن عازب وعائشة - رضي الله عنهم -؛ فإنهم قالوا: "لا يزالان زانيين ما اجتمعا" (٢)، أما غير الزاني فله أن يتزوجها.

وقد أجاب بعض العلماء عن ذلك بأن قالوا: لعل قصدهما إذا لم يتوبا، أما إن تابت هذه المرأة فلا تدخل في هذا التحذير. هذا تأويل وكلام هولاء الصحابة - رضي الله عنهم -.

> قوله: (وَإِنَّمَا صَارَ الجُمْهُورُ لِحَمْلِ الآيَةِ عَلَى الذَّمِّ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: "أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي زَوْجَتِهِ أَنَّهَا لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "طَلِّقْهَا فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُحِبُّهَا. فَقَالَ لَهُ: "فَأَمْسِكْهَا" (٣)).

هذه كناية قد تصرف إلى الزنا حقيقة وقد تصرف إلى غيره.


(١) قال ابن كثير في "التفسير" (٥/ ٧٢): " {فَاحِشَةً}؛ أي: ذنبًا عظيمًا {وَسَاءَ سَبِيلًا}؛ أي: وبئس طريقًا ومسلكًا".
(٢) يُنظر: "الإشراف"، لابن المنذر (٥/ ١٠٥)؛ حيث قال: "وفيه قول ثالث: وهو أنهما لا يزالان زانيين ما اجتمعا، روي هذا القول عن ابن مسعود، وعائشة، والبراء بن عازب".
(٣) أخرجه النسائي (٣٤٦٥) وغيره عن ابن عباس، قال النسائي: "الصواب المرسل".

<<  <  ج: ص:  >  >>