للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُبَاعَ}، وَلمَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَنَّهُ قَالَ لِغَيْلَانَ لَمَّا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ: "أَمْسِكْ أَرْبَعًا، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ" (١)، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: يَجُوزُ تِسْعٌ (٢)، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ أَجَازَ التِّسْعَ ذَهَبَ مَذْهَبَ الجَمْعِ فِي الآيَةِ المَذْكُورَةِ، أَعْنِي: جَمْعَ الأَعْدَادِ فِي قَوْله تَعَالَى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] (٣)).

جماهير العلماء من الصحابة والتابعين وممن يعتد بقولهم يقولون: يجوز للحر أن يجمع بين أربعة بنص كتاب الله - عز وجل -، فإن الله تعالى يقول: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}.

وشذ قوم ممن لا يعتد بقولهم فقالوا: له أن يتزوج تسعة واحتجوا بالآية وعلى أن الواو للجمع {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى} يعنى: اثنتين {وَثُلَاثَ} ثلاثة، اثنتين + ثلاث = خمس، {وَرُبَاعَ} يعني: خمسة + أربعة = تسعة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - تزوج تسعة؛ إذن يجوز للإنسان أن يتزوج تسعة.

والصحيح: أن الواو ليست للجمع وإنما هي للتخبير، كما في قوله تعالى في وصف الملائكة: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}؛ فإنه لو أراد بذلك الجمع لكان في الآية {أُولِي أَجْنِحَةٍ} تسعة.


(١) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (٩/ ٤٦٥) وغيره، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٢٢٢).
(٢) يُنظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٩/ ١٦٦)؛ حيث قال: "وحكي عن القاسم بن إبراهيم ومن نسب إلى مقالته من القاسمية وطائفة من الزائدية أنه يحل له نكاح تسع استدلالًا بقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] بواو الجمع، والمثنى مبدل من اثنين، والثلاث مبدل من ثلاث، والرباع مبدل من أربع فصار مجموع الاثنين والثلاث والأربع تسعًا".
(٣) يُنظر: "فتح القدير"، لابن الهمام (٣/ ٢٣٩)، و "الحاوي الكبير"، للماوردي (٩/ ١٦٦)، و"المغني"، لابن قدامة (٧/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>