للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكي عن أهل الظاهر أنهم أباحوا الجمع بين الأختين في الوطء بملك اليمين (١).

قال الجمهور: كل ما ورد في هذه الآيه فإنه محرم في النكاح وفي الرضاع وفي ملك اليمين؛ فلماذا أخرج الجمع بين الأختين بملك اليمين من بين هذه المحرمات؟

فإن قيل: لأن الآية لا تشمل الإماء.

قيل: فلماذا أخرج الجمع بين الموطوءة بملك اليمين وبين أمها؛ لم يقل أحد أنه يجمع بين هذه في ملك اليمين بالوطء وبين موطوءة الأب، ولا بينها وبين موطوءة الابن؛ إذن لماذا خصت هذه من بينها؟

الأمر الآخر: أنهم قالوا: الآية الأولى: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} هذه عامة خصت بهذه الآيه: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}.

قالوا: وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فهذه لها سبب، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة حنين أرسل سرية إلى أوطاس غنموا غنائم وسبوا وبعض الصحابه رضى الله عنهم تحرجوا من إتيان تلك


= "ذكروا عند ابن عباس قول علي - رضي الله عنه -: أحلتهما آية وحرمتهما آية. فقال ابن عباس: أحلتهما آية وحرمتهما أخرى، إنما يحرم علي قرابتي منهن، ولا تحرم علي قرابة بعضهن من بعض".
(١) لم يبيحوا ذلك بل مذهبهم مذهب جمهور الصحابة والفقهاء. يُنظر: "المحلى"، لابن حزم (٩/ ٥٢١)، حيث قال: "ولا يحل الجمع في استباحة الوطء بين الأختين من ولادة أو من رضاع كما ذكرنا لا بزواج ولا بملك يمين، ولا إحداهما بزواج والأخرى بملك يمين … فمن اجتمع في ملكه أختان، أو عمة وبنت أخيها، أو خالة وبنت أختها، فهما جميعًا عليه حرام حتى يخرج إحداهما عن ملكه بموت أو بجع أو هبة أو غير ذلك من الوجوه، أو حتى تزوج إحداهما بأي هذه الوجوه كان - حل له وطء الباقية. فإن رجعت إلى ملكه الأخرى رجعت حرامًا كما كانت، وبقيت الأولى حلالًا كما كانت، فإن أخرجها، عن ملكه أو زوجها أو ماتت - حلت له التي كانت حرامًا عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>