للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كتاب أو سنة أو من فهم مردُّه إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ، أو إلى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أو إلى إجماع، أو إلى قول صحابة، أو ما يعود إلى مقاصد هذه الشريعة الغراء، أما خلاف مَن لا يعتد بخلافه فلا ينظر إليه (١).

فالله سبحانه وتعالى ذكر أربعة عشر من المحرمات في سورة النساء بدأ بقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} ثم بعد ذلك قال: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}، لكنه لم يذكر الجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها، وإنما جاء ذلك مبينًا غاية البيان في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طريق أبي هريرة وغيره: "لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا يجمع بين المرأة وخالتها" (٢).

وبعضهم نازع في التواتر، لكن طريق أبي هريرة تواتر، وهو حديث في قوله: "الصحيحين"، وعند أبي داود رواية جاءت مفصلة أكثر: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على بنت أخيها، ولا تنكح المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها، لا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى" (٣). هذا في غاية البيان والتفصيل والتوضيح.

ونفس العلة التي ذكرناها في تحريم الجمع بين الأختين هي نفسها تنطبق هنا؛ لأن العمة إنما هي بمنزلة الأم وهي أخت الأب والخالة بمنزلة الأم، ولذلك نجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمى الزوجة الأخرى ضرة: "ولا تطلب المرأة طلاق أختها - وفي رواية: ضرتها - لتكفأ ما في صحفتها" (٤).


(١) قال الجصاص في "الفصول في الأصول" (٣/ ٢٩٦ - ٢٩٧): "ولا يعتد بخلاف مَن لا يعرف أصول الشريعة، ولم يرتض بطرق المقاييس ووجوه اجتهاد الرأي … ونقول أيضًا: في كل مَن لم يعرف أصول السمع وطرق الاجتهاد والمقاييس الفقهية: إنه لا يعتد بخلافه، وإن كان ذا حظ من المعرفة بالعلوم العقلية".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه أبو داود (٢٠٦٥) وغيره، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (١٨٠٢).
(٤) أخرجه البخاري (٦٦٠٠) ومسلم (١٤٠٨/ ٣٨) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها، ولتنكح، فإنَّ لها ما قدر لها".

<<  <  ج: ص:  >  >>