للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أن يتسرى بملك اليمين، وهذا قد حصل من الصحابة - رضي الله عنهم -، إلا أنه نقل عن الحسن البصري أنه لا يرى ذلك (١).

لكن جماهير العلماء وفيهم الأئمة الأربعة يقولون: للمسلم أن يتسرى بالأمة، ويستدلون بقول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}، وقوله سبحانه وتعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}. نص على ما ملكت أيمانكم.

أما الحسن البصري فقال: لا يجوز ذلك؛ لأن الكتابية مشركة فلا فرق بينها وبين المشركة، والله تعالى يقول: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}.

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي نِكَاحِ الوَثَنِيَّاتِ بِمِلْكِ اليَمِينِ: مُعَارَضَةُ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠]، وَعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١]، لِعُمُومِ قَوْلِهِ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤]، وَهُنَّ المَسْبِيَّات، وَظَاهِرُ هَذَا يَقْتَضِي العُمُومَ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُشْرِكَةً أَوْ كِتَابِيَّةً، وَالجُمْهُورُ عَلَى مَنْعِهَا. وَبِالجَوَازِ قَالَ طَاوُسٌ (٢) وَمُجَاهِدٌ (٣)،


= قال: "وإلا أمتهم؛ أي: الأمة الكتابية فيجوز وطؤها لمالكها المسلم بالملك بخلاف نكاحها فلا يجوز لمسلم".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج"، للهيتمي (٧/ ٣١٩)، حيث قال: "لا يحل لمسلم نكاح أمة كتابية".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الروض المربع"، للبهوتي (ص ٥٢٣)؛ حيث قال: "ومن حرم وطؤها بعقد كالمعتدة والمحرمة والزانية والمطلقة ثلاثًا حرم وطؤها بملك يمين … إلا أمة كتابية".
(١) يُنظر: "الإشراف"، لابن المنذر (٥/ ١٣٢)؛ حيث قال: "واختلفوا في وطء إماء أهل الكتاب بملك اليمين … وحكي عن الحسن أنه كره ذلك".
(٢) يُنظر: "الإشراف"، لابن المنذر (٥/ ١٣٢)؛ حيث قال: "واختلفوا في الأمة المجوسية يطؤها مالكها … وأباح ذلك طاوس".
(٣) يُنظر: "السنن الصغير"، للبيهقي (٣/ ٤٩)؛ حيث قال: "ولا يحل نكاح أمة كتابية لمسلم … وبه قال مجاهد".

<<  <  ج: ص:  >  >>