للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّافِعِيُّ (١)، وَالثَّوْرِيُّ (٢): يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا انْقَضَتِ العِدَّةُ بَيْنَهُمَا، فَلَا بَأْسَ فِي تَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مَرَّةً ثَانِيَةً).

كل العلماء يرون أن النكاح باطل، لكن هل له أن يتزوجها بعد ذلك أو لا؟

المسألة تحتاج إلى تفصيل: لأنه إذا تزوج امرأة في عدتها، فمعنى ذلك أن عدة الزوج الأول لم تنقض، فمن هنا جاء التحريم؛ فيفرق بينهما، فيبقى ما تبقَّى من عدة الأول وعدة الثاني، فهنا جاء الخلاف:

الشافعي وأحمد (٣): يقولان تعتد بقية عدة الأول، ثم تعتد ثلاثة قروء عن الزوج الثاني.

وأبو حنيفة يقول: إنه يحصل تداخل بين العدتين، فإذا دخل بها الثاني ثم فرق بينهما تعتد ثلاثة قروء، فالقصد من العدة براءة الرحم.

ويأخذ الحنفية بقاعدة: إذا اجتمع أمران من جنس واحد ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في الآخر تبعًا (٤).


(١) للشافعي قولان. يُنظر: "البيان"، للعمراني (١١/ ١٠١)؛ حيث قال: "وإذا تزوج الرجل امرأة في عدة غيره ووطئها جاهلًا بالتحريم، فقد قلنا: يفرق بينهما، وتتم عدتها من الأول، وتعتد عن الثاني، وهل يحل للثاني نكاحها؟ فيه قولان: قال في القديم: لا يحل له أبدًا … قال في الجديد: لا تحرم عليه".
(٢) يُنظر: "مختصر اختلاف العلماء"، للطحاوي (٢/ ٢٩٩)؛ حيث قال: "إذا تزوج امرأة معتدة من غيره ودخل بها ففرق بينهما فإنها إذا انقضت عدتها من الأول فلا بأس على الآخر أن يتزوجها وهو قول الثوري".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٣/ ٢٠)؛ حيث قال: "ومن تزوجت في عدتها فنكاحها باطل ويفرق بينهما … ولم تنقطع عدتها بالعقد حتى يطأها الثاني … فإن وطئها انقطعت ثم إذا فارقها من تزوجها أو فرق الحاكم بينهما بنت على عدتها من الأول لسبق حقه واستأنفتها … وللثاني؛ أي: الذي تزوجته في عدتها ووطئها أن ينكحها بعد انقضاء العدتين".
(٤) قال ابن نجيم في "الأشباه والنظائر" (ص ١١٢): "القاعدة الثامنة: إذا اجتمع أمران من جنس واحد ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في الآخر غالبًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>