للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجابوا عن قصة زينب: بأنها أسلمت قبل الحديبية ولم يكن هناك مانع (١).

وأجابوا جوابًا آخر: قالوا باحتمال أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ردها بعقد جديد (٢)، وكما قلنا: الرواية فيه ضعيفة.

وبعضهم قال: باحتمال أن تكون حاملًا وطال حملها؛ لأن الحمل ربما يستقر في بطن المرأة (٣).

وبعضهم قال: ربما أنها بقيت لا تحيض مدة طويلة.

وهذه كلها تعليلات تحتاج إلى دليل، وأقوى ما فيها جاء في الآية: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} أنها جاءت متأخرة، ولا شك أن الأحوط في ذلك هو ما أخذ به مذهب جمهور العلماء، لكن ليس معنى ذلك أن الأقوال الأخرى ليست بقوية؛ هي قوية وبخاصة الذين قالوا: بأننا لم نقف على دليل صحيح فرق فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع تعدد ذلك، ومع كثرة مَن أسلم


(١) قال في "التمهيد" (١٢/ ٢١ - ٢٢): "وقال آخرون: قصة أبي العاص هذه منسوخة بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الآية إلى قوله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافرًا وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر … ولم يختلف أهل السير أن هذه الآية المذكورة نزلت في الحديبية حين صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشًا على أن يرد عليهم مَن جاء بغير إذن وليه؛ فلما هاجرن أبى الله أن يُرْدَدْنَ إلى المشركين إذا امتحنَّ بمحنة الإسلام وعرف أنهم جئن رغبة في الإسلام".
(٢) قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٢/ ٢٤): "فلا يخلو من أن يكون كانت حاملًا فتمادى حملها ولم تضعه حتى أسلم زوجها فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها في عدتها، وهذا ما لم ينقل في خبر، أو تكون قد خرجت من العدة فيكون أيضًا ذلك منسوخًا بالإجماع … وقد يحتمل قوله: "على النكاح الأول" يريد على مثل النكاح الأول من الصداق".
(٣) قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٢/ ٢٤): "وإن كان مسلمًا فلا يخلو من أن يكون كانت حاملًا فتمادى حملها ولم تضعه حتى أسلم زوجها؛ فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها في عدتها، وهذا ما لم ينقل في خبر".

<<  <  ج: ص:  >  >>