للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيع، والشبه بلا شك قريب جدًّا بين الأمرين؛ لأن ذاك مبادلة مال بمال، وهذا مبادلة عوض بمعوض؛ فالمبادلة موجودة هنا وهناك، لكن الفرق بينهما واضح؛ فالبيع كما هو معلوم إذا وجد عيب بيِّن يرد، أما النكاح فليس كل عيب من العيوب يقتضي ردًّا.

* قوله: (فَأَمَّا قَوْلُ الصَّاحِبِ الوَارِدُ فِي ذَلِكَ: فَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ - وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: أَوْ قَرَنٌ - فَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا، وَذَلِكَ غُرْمٌ لِزَوْجِهَا عَلَى وَليِّهَا" (١)، وَأَمَّا القِيَاسُ عَلَى البَيْعِ: فَإِنَّ القَائِلِينَ بِمُوجِبِ الخِيَارِ لِلْعَيْبِ فِي النِّكَاحِ، قَالُوا: النِّكَاحُ فِي ذَلِكَ شَبِيهٌ بِالبَيْعِ. وَقَالَ المُخَالِفُونَ لَهُمْ: لَيْسَ شَبِيهًا بِالبَيْعِ لإجْمَاعِ المُسْلِمِينَ عَلَى أنَّهُ لَا يُرَدّ النِّكَاحُ بِكُلِّ عَيْبٍ، وَيُرَدُّ بِهِ البَيْعُ).

هذه الأربع موضع اتفاق بين الأئمة الثلاثة؛ أيُّ واحد منهم يقتضي فسخ النكاح (٢).

وبعضهم يفسر القرن: بنفس الرتق، وبعضهم يقول: الرتق يختلف عن القرن، وهذه التفصيلات موجودة عند الشافعية (٣) والحنابلة (٤) أكثر.


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٥٢٦) وغيره عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب: "أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملًا، وذلك لزوجها غرم على وليها". وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٦/ ٣٢٨).
(٢) تقدَّم ذكر مذاهبهم في هذه المسألة قريبًا.
(٣) يُنظر: "البيان"، للعمراني (٩/ ٤٩٦ - ٤٩٧)؛ حيث قال: "والفرق بينها وبين القرناء والرتقاء: أن تعذر الجماع في الرتقاء والقرناء من جهتها؛ ولهذا لا يتمكن أحد من جماعها".
(٤) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٢/ ٦٧٨)؛ حيث قال: "كون فرجها مسدودًا لا يسلكه ذكر فإن كان ذلك بأصل الخلقة فهي رتقاء بالمد فالرتق تلاحم الشفرين خلقة، وإلا يكن ذلك بأصل الخلقة فهي قرناء … وقيل: القرناء من نبت في فرجها لحم زائد فسده".

<<  <  ج: ص:  >  >>