للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المسألة تتعلق بغيبة الزوج، يعني غياب الزوج عن زوجته ليس الغياب المعتاد المعروف بأن يخرج ويعود، فهذه تنقسم من حيث الجملة إلى قسمين (١):

أولها: أن يغيب الرجل عن زوجته غيبة ولكن يعرف مكانه ويعرف أخباره، كأن ينتقل من بلد إلى بلد آخر ويحصل الاتصال به عن طريق الرسائل؛ فهذا ليس مجال الحديث عنه هنا، فهو لا يدخل في أحكام المفقود، ويجب على زوجته أن تبقى تنتظره وليس لها أن تطلب الفسخ، إلا ألا يترك لها نفقة وألا يوصي غيره بالنفقة عليها؛ ففي هذه الحالة لها أن تطلب الفسخ لكونه لم ينفق عليها، فترد هذه المسألة إلى مسألة العسار بالنفقة.

ثانيها: أن يغيب الزوج غيبة منقطعة، لا يعرف مكانه ولا تصل أخباره؛ فهو أصبح سائحًا في هذه الأرض لا يعرف أهو في عداد الأموات أم في ضمن الأحياء؛ إذن هو أصبح مفقودًا، ومع ذلك قسم بعض العلماء هذا المصنف إلى قسمين (٢):


(١) قال الماوردي في "الحاوي الكبير" (١١/ ٣١٦): "ولغيبة الرجل عن زوجته حالتان:
إحداهما: أن يكون متصل الأخبار معلوم الحياة فنكاح زوجته محال، وإن طالت غيبته وسواء ترك لها مالًا أم لا، وليس لها أن تتزوج غيره، وهذا متفق عليه.
والحال الثانية: أن يكون منقطع الأخبار مجهول الحياة فحكمه على اختلاف أحواله في سفره واحد، سواء قعد في بلده أو بعده خروجه منه في بر كان سفره أو في بحر، وسواء كسر مركبه أو فقد بين صفي حرب؛ فهو في هذه الأحوال كلها مفقود وماله عليه موقوف يتصرف فيه وكلاؤه ويمنع منه ورثته".
(٢) قال ابن قدامة في "الكافي " (٣/ ٢٠٢): "إذا فقدت المرأة زوجها، وانقطع خبره عنها، لم يخل من حالين:
أحدهما: أن يكون ظاهر غيبته السلامة، كالتاجر وطالب العلم من غير مهلكة، فلا تزول الزوجية ما لم يتيقن موته؛ لأنها كانت ثابتة بيقين، فلا تزول بالشك. وعنه: إذا مضى له تسعون سنة، قسم ماله. . .
الثاني: أن يكون ظاهرها الهلاك، كالذي يفقد من بين أهله، أو في مفازة هلك فيها بعض رفقته، أو بين الصفين، أو ينكسر مركبًا فيهلك بعض رفقته، وأشباه ذلك، فمذهب أحمد أنها تتربص أربع سنين أكثر مدة الحمل، ثم تعتد للوفاة، ثم تتزوج".

<<  <  ج: ص:  >  >>