للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعارض النقل في ذلك: أنه جاء في بعض الأحاديث: أن بريرة عتقت كما في حديث ابن عباس: "أنها عتقت وكان زوجها عبدًا" (١)، وفي بعض الروايات: "أنه كان حرًّا" (٢)؛ فرواية: "أنه كان حرًّا" حجة للذين يقولون بأنها إذا عتقت فلها الخيار وإن كان زوجها حرًّا.

* قوله: (وَاحْتِمَالُ العِلَّةِ المُوجِبَةِ لِلْخِيَارِ أن يَكُونَ الجَبْرُ الَّذِي كَانَ فِي إِنْكَاحِهَا بِإِطْلَاقٍ إِذَا كانَتْ أَمَةً، أَوِ الجَبْرُ عَلَى تَزْوِيجِهَا مِنْ عَبْدٍ، فَمَنْ قَالَ: العِلَّةُ الجَبْرُ عَلَى النِّكَاحِ بِإِطْلَاقٍ قَالَ: تُخَيَّرُ تَحْتَ الحُرِّ وَالعَبْدِ، وَمَنْ قَالَ: الجَبْرُ عَلَى تَزْوِيجِ العَبْدِ فَقَطْ، قَالَ: تُخَيَّرُ تَحْتَ العَبْدِ فَقَطْ. وَأَمَّا اخْتِلَافُ النَّقْلِ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أن زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ (٣). وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أن زَوْجَهَا كانَ حُرًّا (٤)، وَكِلَا النَّقْلَيْنِ ثَابِتٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الحَدِيثِ).

ابن رشد كما هو معلوم قد وضع لنفسه منهجًا يسير عليه وخط طريقة يسلكها فيما يتعلق بإيراده الأحاديث؛ فقال: "إذا قلت: الحديث المشهور؛ فأعني به المتفق عليه، وإذا قلت: الحديث الثابت؛ فأعني به ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم أو ما رواه أحدهما".

والحقيقة: أن كلمة ثابت تنطبق على حديث ابن عباس، ولا تنطبق على حديث عائشة الذي أشار إليه، لأن حديث ابن عباس أخرجه البخاري في "صحيحه" وأصحاب السنن وغيرهم، أما الحديث عائشة فإنه أخرجه


(١) أخرجه البخاري (٥٢٨٢) ولفظه: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كان زوج بريرة عبدًا أسود".
(٢) أخرجه أبو داود (٢٢٣٥) وغيره ولفظه: عن عائشة: "أن زوج بريرة كان حرًا حين أعتقت، وأنها خيرت". وصححه الألباني.
(٣) تقدَّم.
(٤) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>