للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما جاء في "صحيح مسلم" من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر وعروة بن الزبير عن عائشة ففي روايتهما: "أن زوج بريرة كان عبدًا" (١)، بل جاء في رواية عروة أن عائشة قالت: "ولو كان حرًّا لم يكن خيار" (٢)؛ أي: لم يكن لها خيار، وفي رواية القاسم التنصيص على أنه كان عبدًا؛ يعني: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أتبقين عند هذا العبد أو ترجعين؟ " (٣) ومعناه: أتبقين مع هذا العبد أو تطلبين الخيار، أما الرواية التي ذكرها المؤلف بأنها من طريق عائشة فقد جاءت من طريق الأسود بن يزيد النخعي (٤)، فإنه قد ذكر أن زوج بريرة كان حرًا.

وقد تكلم العلماء وقالوا: هذا منقطع من كلام الأسود وليس من قول عائشة؛ ولذلك قال البخاري في "صحيحه": "إن هذا من قول الأسود وهو منقطع، وحديث ابن عباس أصح" (٥)؛ فالبخاري أشار إلى ذلك في "صحيحه" بين أن هذا منقطع وذاك أصح، بل جاء من طريق الأسود عن عائشة أن زوج بريرة كان مملوكًا.

وليس معنى قضية "أسود" التي وردت في الحديث أنه مملوك؛ المملوك قد يكون أبيض وأحمر وأصفر وأسود، المملوك يكون سلبيًّا في


(١) أخرجه مسلم (١٥٠٤).
(٢) أخرجه مسلم (١٥٠٤).
(٣) أخرجه أحمد (٤٢/ ٢٩٥) ولفظه: "اختاري، فإن شئت أن تمكثي تحت هذا العبد، وإن شئت أن تفارقيه". قال الألباني في "الإرواء" (١٨٧١): "وهذا إسناد جيد على شرط مسلم، إن كان أسامة بن زيد هو الليثي، وأما إن كان العدوي فهو ضعيف".
(٤) يُنظر: "التلخيص الحبير"، لابن حجر (٣/ ٣٦٤)؛ حيث قال: "وقد اختلف فيه على عائشة، فروى الأسود بن يزيد عنها: "أنه كان حرًّا"، قال إبراهيم بن أبي طالب: خالف الأسود الناس، وقال البخاري: هو من قول الحكم، وقول ابن عباس: "إنه كان عبدًا" أصح".
(٥) يُنظر: "فتح الباري"، لابن حجر (٩/ ٤٠٧)؛ حيث قال: "وقال الإمام أحمد: إنما يصح أنه كان حرًّا عن الأسود وحده، وما جاء عن غيره فليس بذاك، وصح عن ابن عباس وغيره أنه كان عبدًا، ورواه علماء المدينة؛ وإذا روى علماء المدينة شيئًا وعملوا به فهو أصح شيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>