للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْني: تُعْطي نَفْسَها فرصةً بعد ذَلكَ ثلَاثة أيام؛ فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعِ الدَّمُ، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ.

قوله: (وَأَمَّا المُعْتَادَةُ، فَفِيهَا رِوَايَتَان عَنْ مَالِكٍ؛ إِحْدَاهُمَا: بِنَاؤُهَا عَلَى عَادَتِهَا، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، مَا لَمْ تَتَجَاوَزْ أَكْثَرَ مُدَّةِ الحَيْضِ (١)، وَالثَّانِيَةُ: جُلُوسُهَا إِلَى انْقِضَاءِ اَكْتَرِ مُدَّةِ الحَيْضِ، أَوْ تَعْمَلُ عَلَى التَّمْيِيزِ؛ إِنْ كانَتْ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ (٢). وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَعْمَلُ عَلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا (٣)، وَهَذِهِ الأَقَاوِيلُ كلُّهَا -المُخْتَلَفُ فِيهَا عِنْدَ الفُقَهَاءِ فِي أَقَلِّ الحَيْضِ، وَأَكْثَرِهِ، وَأَقَلِّ الطُّهْرِ- لَا مُسْتَنَدَ لَهَا إِلَّا التَّجْرِبَةُ وَالعَادَةُ، وَكُلّ إِنَّمَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ: مَا ظَنَّ أَنَّ التَّجْرِبَةَ أَوْقَفَتْهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلاخْتِلَافِ ذَلِكَ فِي النِّسَاءِ: عَسُرَ أَنْ يُعْرَفَ بِالتَّجْرِبَةِ حُدُودُ هَذِهِ الأَشْيَاءِ فِي اَكْثَرِ النِّسَاءِ، وَوَقَعَ فِي ذَلِكَ هَذَا الخِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَا).

المؤلف رحِمهُ الله ينص هنا على أن ما سبق ذكره من مسائل الحيض، كأقله، وأكثره، وأقل الطهر بين الحيضتين، وما سيأتي ذكره من مسائل النفاس وإن كان الخلاف فيه أقل: كل هذا بنى الفقهاء أقوالَهم فيه على تتبُّع أحوَال النِّساء، ومَعْرفة عَادتهنَّ فيها، فانتهوا في حُكْمها إلى ما تَرجَّح عندهم، بناءً على هذه الأسئلة لهنَّ.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (١/ ١٦٩) حيث قال: "وأكثره لمعتادة غير حامل أيضًا، وَهِيَ التي سبق لها حيض ولو مرة؛ لأنها تتقرر بالمرة ثلاثة من الأيام استظهارًا على أكثر عادتها أيامًا لا وقوعًا".
(٢) يُنظر: "الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (١/ ١٩٣): حيث قال: "وفي المعتادة إذا تطابق الدم بها زيادة على عادتها روايتان … والأُخرى: أنها تقعد خمسة عشر يومًا … إذا اتصل الدم بالمستحاضة، عَملَتْ على التمييز بعد مُضيِّ أقل الطهر".
(٣) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (١/ ٤٠٤) حيث قال: "أو كانت معتادةً غير مميزة بأن سبقَ لها حيض وطهر وهي تعلمهما، فترد إليهما قدرًا ووقتًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>