للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقِيلَ أَيْضًا: إِنْ كانَتْ تَأْتِيهِ، فَلَهَا النَّفَقَة، وَإِنْ كانَ يَأْتِيهَا فَلَا نَفَقَةَ لهَا) (١).

يقصد: إن كانت تأتي إلى بيته ويتحقق له ما يحتاج منها فعليه النفقة، وإن كان هو الذي يذهب فلا نفقة لها، لكن لا نفهم من هذا بأن لا نفقة لها أن تبقى ضياعًا لا ينفق عليها سيدها عند هؤلاء.

* قوله: (وَقِيلَ: لهَا النَّفَقَةُ فِي الوَقْتِ الَّذِي تَأْتِيهِ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا، فَعَلَيْهِ النَّفَقَة، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ (٢). وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ العُمُومِ لِلْقِيَاسِ، وَذَلِكَ أن العُمُومَ يَقْتَضِي لهَا وُجُوبَ النَفَقَةِ).

العموم في قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣]، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف"؛ فهذا عام لم يفرق بين حرة وأمة، ولو كان هناك فرق لبينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الناس بأمسِّ الحاجة له، وبخاصة أنه ذكر ذلك في حجة الوداع والناس بحاجة إلى البيان، والرسول - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أمور وأجاب عنها.

* قوله: (وَالقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا إِلَّا عَلَى سَيِّدِهَا الَّذِي يَسْتَخْدِمُهَا، وَتَكُونُ النَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْتَفِعُ بِهَا ضَرْبًا مِنَ الانْتِفَاعِ؛ وَلذَلِكَ قَالَ قَوْمٌ: عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فِي اليَوْمِ الَّذِي تَأْتِيهِ).

هذه كلها أخذوا بها المالكية وتوسعوا فيها من راب المصلحة، وقد أشرنا سابقًا - وهو معروف عند ممن درسوا الأصول - إلى أن علماء


(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطأ"، للباجي (٤/ ١٢٨)؛ حيث قال: "وروى ابن وهب عن مالك إن كانت هي تأتيه فعليه النفقة، وإن كان هو يأتيها في أهلها فلا نفقة لها".
(٢) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>