للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن بعض العلماء نص على أنها إذا ولدت فيجب عليها أن تلقم ثديها الطفل ليشرب من اللِّبأ (١) - وهو اللبن الذي تدر به أول ما تلد -؛ فإنهم يرون ذلك من الضروريات للطفل (٢)، ولا شك أن الأم بما وهبها الله سبحانه وتعالى من الحنان والعطف والرحمة والشفقة لن تتخلى عن ابنها في إرضاعه.

القول الثالث: الرواية الأخرى للإمام مالك يفرق فيها بين الشريفة والدنيئة (٣) (٤)، يعني: بين ذات النسب وغير ذات النسب، وهذا حقيقة


= مذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج"، للرملي (٧/ ٢٢٣) حيث قال: "ومحل الخلاف إذا استمرى الولد لبن الأجنبية، وإلا أجيبت الأم إلى إرضاعه بأجرة المثل قطعًا، كما قاله بعض المتأخرين لما في العدول عنها من الإضرار بالرضيع".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٥/ ٤٨٧ - ٤٨٨)؛ حيث قال: " (إلا أن يضطر) الصغير (إليها أو يخشى عليه) بألا يوجد مرضعة سواها، أو لا يقبل الصغير الإرضاع من غيرها؛ فيجب عليها إرضاعه، لأنه حال ضرورة وحفظ النفس كما لو لم يكن له أحد غيرها".
(١) قال الخليل: "اللِّبَأ - مهموز مقصور -: أوّل حَلْب عند وضع المُلَبِّئ". انظر: "العين" (٨/ ٣٤١).
(٢) نص على ذلك الشافعية والحنابلة.
مذهب الشافعية يُنظر: "نهاية المحتاج"، للرملي (٧/ ٢٢١ - ٢٢٢)؛ حيث قال: " (وعليها)؛ أي: الأم من مال فرعه (إرضاع ولدها اللبأ) - بالهمز -: وهو ما ينزل بعد الولادة، ويرجع في مدته لأهل الخبرة؛ كما بحثه الأذرعي، وقيل: تتقدر بثلاثة أيام، وقيل: بسبعة؛ وذلك لأن النفس لا تعيش بدونه غالبًا، ومع ذلك لها طلب الأجرة عليه إن كان لمثله أجرة".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٥/ ٤٨٨)؛ حيث قال: " (ولكن يجب عليها أن تسقيه اللبن) لتضرره بعدمه، بل يقال: لا يعيش إلا به".
(٣) الدَّنِيئة بالمد النَّقِيصة. انظر: "مختار الصحاح"، للرازي (ص ١٠٧).
(٤) مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير"، للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ٥٢٥)؛ حيث قال: " (وعلى الأم المتزوجة) بأبي الرضيع (أو الرجعية رضاع ولدها) من ذي العصمة أو المطلق (بلا أجر) تأخذه من الأب (إلا لعلو قدر) بأن كانت من أشراف الناس الذين شأنهم لا يرضعون أولادهم فلا يلزمها رضاعه؛ فلو أرضعت لكان لها الأجرة في مال الصبي".

<<  <  ج: ص:  >  >>