للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا دليل عليه من الشريعة، ليس هناك في كتاب الله عزَّ وجلَّ ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على ذلك، ولكن المالكية اقتبسوا ذلك من العدة والعرف.

وقيمة الإنسان بالتقوى، وليست قيمة الإنسان بنسبه أو مكانته أو بلده، وإنما دائمًا قيمة الإنسان ترتفع بالتقوى وتنخفض بالمعصية؛ فالإنسان يعز ويرتفع ويكرم إذا أطاع الله سبحانه وتعالى وكان أيضًا ممتثلًا لما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتذهب قيمته ومكانته، وإن كان أعلى الناس نسبًا وأعظمهم شرفًا إذا كان يتقلب في معصية الله سبحانه وتعالى؛ فإن هذا لا ينفعه.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ آيَةُ الرَّضَاعِ مُتَضَمِّنَةٌ حُكْمَ الرَّضَاعِ - أَعْنِي: إِيجَابَهُ - أَوْ مُتَضَمِّنَةٌ أَمْرَهُ فَقَطْ؛ فَمَنْ قَالَ: أَمْرَه، قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الرَّضَاعُ؛ إِذْ لَا دَلِيلَ هُنَا عَلَى الوُجُوبِ، وَمَنْ قَالَ: تَتَضَمَّنُ الأَمْرَ بِالرَّضَاعِ وَإيجَابَهُ؛ وَأَنَّهَا مِنَ الأَخْبَارِ الَّتِي مَفْهُومُهَا مَفْهُومُ الأَمْرِ، قَالَ: يَجِبُ عَلَيْهَا الإِرْضَاعُ) (١).

سبب الخلاف في كون الرضاع يجب على الأم أو لا يجب: أن الآية {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} سيقت على نسق الخبر فليست أمرًا، لكن بعضهم يقول: وإن وردت خبرًا فإنها تدل على الأمر؛ لأنه على القول أن الآية متضمنه الأمر فقط فالوالدة ترضع طفلها، لكن هل ترضعه ولها الأجرة أو ترضعه وليس لها أجرة؟


(١) يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن"، للقرطبي (٣/ ١٦١)؛ حيث قال: "الثانية: {يُرْضِعْنَ} خبر معناه الأمر على الوجوب لبعض الوالدات، وعلى جهة الندب لبعضهن على ما يأتي. وقيل: هو خبر عن المشروعية كما تقدم.
الثالثة: واختلف الناس في الرضاع هل هو حق للأم أو هو حق عليها، واللفظ محتمل؛ لأنه لو أراد التصريح بكونه عليها لقال: وعلى الوالدات رضاع أولادهن كما قال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} ولكن هو عليها في حال الزوجية، وهو عرف يلزم إذ قد صار كالشرط، إلا أن تكون شريفة ذات ترفُّه فعرفها ألا ترضع وذلك كالشرط، وعليها إن لم يقبل الولد غيرها واجب، وهو عليها إذا عدم لاختصاصها به".

<<  <  ج: ص:  >  >>