للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفوف لتكون كلمة المسلمين كلمة واحدة؛ ولهذا رأينا الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ولا يبع بعضكم على بيع بعض" (١)؛ فإذا بعت على بيع أخيك أوجدت الشحناء والبغضاء في نفسه؛ فربما يؤدي ذلك إلى الخلاف والخلاف بعد ذلك يؤدي إلى العداوة والبغضاء، والله أعلم ما قد يحصل بعد ذلك من الفساد، والله تعالى لا يحب الفساد؛ لذلك نجد أن الرسول نهى عن عدة أمور: "لا تناجشوا لا تباغضوا … " ثم قال: "وكونوا عباد الله إخوانًا" (٢).

وفاطمة بنت قيس عندما طلقها زوجها ثلاثًا وأرسل إليها بشعير فسخطته فذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تخبره الخبر فقال: "ليس لك شيء" وكان وكيلها قد قال: "ليس لك علينا من شيء". الشاهد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي؛ اعتدي في بيت ابن أم مكتوم؛ فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده" ثم قال - عليه الصلاة والسلام -: "فإذا حللت فأذنيني"؛ فلما انتهت عدتها جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرته بأنه قد خطبها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه" (٣) وفي رواية: "رجل ضراب للنساء" ثم قال لها: "انكحي أسامة بن زيد" فكأنها سخطته في أول الأمر وترددت، بل جاء في


(١) تقدَّم.
(٢) أخرجه البخاري (٦٠٦٦) ولفظه: "إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا"، ومسلم (٢٥٦٣).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٨٠) ولفظه: أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له، فقال: "ليس لك عليه نفقة"، فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك … فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد" فكرهته، ثم قال: "انكحي أسامة"، فنكحته فجعل الله فيه خيرًا واغتبطت به".

<<  <  ج: ص:  >  >>