للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَبِالجُمْلَةِ، فَسَبَبُ الاخْتِلَافِ: هَلِ الشُّرُوطُ الَّتِي اشْتَرَطَهَا الشَّرْعُ فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ هِيَ شُرُوطُ صِحَّةٍ وَإِجْزَاءٍ، أَمْ شُرُوطُ كمَالٍ وَتَمَامٍ؟ فَمَنْ قَالَ: شُرُوطُ إِجْزَاءٍ، قَالَ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الَّذِي عَدِمَ هَذهِ الصِّفَةَ، وَمَنْ قَالَ: شُرُوطُ كَمَالٍ وَتَمَامٍ، قَالَ: يَقَع، وَيُنْدَبُ إِلَى أَنْ يَقَعَ كامِلًا).

وهاهنا يريد المؤلف أن يصل إلى تأصيل قاعدةٍ في الشروط التي اشترطها الشرع في الطلاق، فيما إذا كانت شروط صحَّةٍ يجب الأخذ بها، أم أنها شروط كمالٍ يُندَبُ الأخذ بها.

ومثال ذلك اختلاف العلماء (١) في قراءة الفاتحة في الصلاة بالنسبة للمأموم، فيما إذا كانت ركنًا من أركان الصلاة تجب في كلِّ ركعةٍ، أم أنها شرط كمالٍ وتمامٍ، فحينها اختلفوا في تفسير حديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، فالذين قالوا بأنها شرط صحَّةٍ فسَّروها بأن (لا) نافية للجنس وقعت قبل النكرة، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، فوجوب قراءة الفاتحة يَعُمُّ كل مُصَلٍّ، أما الفريق الآخر ففسَّرها بأنها تعني: لا صلاة كاملة، فيكون المقصوفى هو نفي الكمال لا نفي الإجزاء.

* قوله: (وَلِذَلِكَ، مَنْ قَالَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجَبْرِهِ عَلَى الرَّجْعَةِ، فَقَدْ تَنَاقَضَ، فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ).

وهاهنا يعود ابن رشدٍ مرةً أخرى لمخالفة مذهب المالكية وتبيان أنه تَنَاقَضَ وجَانَبَ الحقَّ، فرغم انتسابه لهذا المذهب إلا أن ذلك لم يمنعه من الأخذ بما يعتقد فيه الصواب، وهو ما ينبغي أن يكون عليه طالب العلم دائمًا.


(١) سبقت هذه المسألة في أبواب الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>