للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما هذه المسألة فإن آراء العلماء متقاربةٌ فيها، وجملة الأقوال فيها ثلاثة أقوال:

- مذهب الشافعي وأبي حنيفة: عدم جواز الجهالة والغرر في العوض.

- مذهب مالك: جواز جهالة الوجود والقدر والمعدوم، والمالكية - في حقيقة الأمر - قد توسَّعوا في هذا، والحنابلة (١) يوافقونهم في بعض هذه الصور لا في جميعها، فمجهول الوجود مثاله الحمل الذي في البطن، والذي لا يُتيَقَّن وجوده من عدم وجوده، وإذا وُجِدَ فإنه لا يُعرَف إذا كان يولد حيا أم ميِّتًا، ومثاله كذلك بيع الثمرة قبل بدوّ صلاحها، فهذه الثمرة قد تصيبها جائحة تذهب بها، وقد ورد في قصة البستان الذي أصابته جائحةٌ، فشكَا صاحبه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الرسول قال: "بِمَ يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حقٍّ؟! " (٢)، ومن أمثلته كذلك الآبق، وهو الحبد الذي أَبِقَ - أي: فَرَّ - من سيده، وقد ورد تحذير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا النوع من الأعواض، وكذلك الشارد، وهو الجمل الذي شَرَدَ من صاحبه.

- الرواية الأخرى عن الأحناف: فقد حُكِيَ عن الحنفية روايةٌ أخرى أنهم قالوا بجواز الجهالة، لكنهم لا يجيزون الغرر (٣).


= التسمية في الصداق فكذلك في الكتابة وهذا، لأن الجهالة المستدركة في الأجل نظير الجهالة المستدركة في البدل، وهو جهالة الصفة بعد تسمية الجنس فكما لا يمنع ذلك صحة التسمية في الكتابة فكذلك هذا".
(١) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٨/ ٤٠٣) حيث قال: " (ويصح الخلع بالمجهول). هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب. قال في الفروع، وغيره: هذا المذهب. وجزم به في الوجيز، وغيره".
يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٢٢٢) حيث قال: " (ويصح الخلع بالمجهول وبالمعدوم الذي ينتظر وجوده)، لأن الطلاق معنى يجوز تعليقه بالشرط، فجاز أن يستحق به العوض المجهول كالوصية".
(٢) أخرجه مسلم (٣/ ١١٩٠).
(٣) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>