للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجمهور العلماء على أنه ليس للزوج مراجعة المختلعة منه في عدتها.

وهناك خلافٌ - كما ذكرنا - بين أهل العلم في عدة المختلعة، فمنهم مَن يرى أن المختلعة تعتدّ بحيضةٍ، وأن هذه الحيضة يُقصَد بها التيقن من براءة الرحم ليس إلا، كما أُثِر عن عثمان في قصة الربيع بنت معوّذ، بخلاف عدة المطلقة التي اتفق أهل العلم على أنها ثلاثة قروء، واتفقوا على أن القصد من جَعْلِها ثلاثة قروء هو أن يتسنى للزوج التروِّي ومراجعة نفسه في قرار الطلاق، كما قال تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١].

ولذا فإن جمهور العلماء - ومنهم الأئمة الأربعة - قد أتفقوا على أن الزوج ليس له أن يراجع المختلعة أثناء العدة (١)؛ لأن هذا يناقض مقصود الخُلع، فإن الزوجة أرإدت الخلاص من زوجها، وانتهى الأمر، فإن قلنا بالرجعة نكون قد ضيَّعْنا الغاية من الخُلع.

ولم يخالف في ذلك إلا الإمامان الزهري والحسن البصري، فقالا


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٣/ ٢٣٤) حيث قال: "وكذلك الخلع؛ لأنه تقع الحاجة إلى الخلع ولا يتصور إيقاعه إلا بصفة الإبانة ألا ترى أنه لا يتصور أن يكون رجعيًا".
مذهب المالكية، يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة"، للقاضي عبد الوهاب (ص: ٨٧١)، وفيه قال: "ولا رجعة في الخلع خلافًا لأبي ثور؛ لأن المرأة إنما تبذل العوض لإزالة الضرر عنها، وفي ثبوت الرجعة عليها تبقية الضرر، ولأن في إثبات الرجعة في الخلع جمعًا للزوج بين العوض والمعوض، وذلك ما لا سبيل إليه". وانظر: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٤/ ٢١).
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٤/ ٤٧٦)، وفيه قال: " (ويلحق) الطلاق (رجعية)؛ لأنها في حكم الزوجات لبقاء الولاية عليها بملك الرجعة، قال الشافعي - رضي الله عنه -: الرجعية زوجة في خمس آيات من كتاب الله تعالى، يريد بذلك لحوق الطلاق، وصحة الظهار، واللعان، والإيلاء، والميراث (لا مختلعة) فلا يلحقها طلاق وإن كانت في العدة لانتفاء الولاية عليها".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٢١٧) حيث قال: "ولا يقع بالمعتدة من الخلع طلاق ولو واجهها به) المخالع؛ لأنها لا تحل له إلا بنكاح جديد".

<<  <  ج: ص:  >  >>