للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختاري زَوْجَكِ)، وهذا يعني أنها بين أمرين، إما أن تختار زَوْجَها فتبقى معه، وإما أن تختار فراقه.

وعند المالكية (١): أنها إذا اختارت فراقه فإنه يقع ثلاثًا، فقالوا: إنه لو وقع طلقة واحدة لكان التخيير لا معنى له؛ لأن لزوجها في هذه الحالة مراجعتها، مما ينتفى معه المقصود من التخيير، ولكن المناسب للتخيير أن يكون الفراق طلاقًا بائنًا تنقطع معه العصمة، بحيث لا تحل له بعدها حتى تنكح زوجًا غيره.

والأئمة الثلاثة يخالفون المالكية في هذا الحُكم، ولهم في هذه المسألة قولان، قولٌ للشافعية (٢)، والحنابلة (٣)، مقابل قولٍ آخر للأحناف (٤).

والتخيير المقيَّد: هو أن يقول لها: (اختاري نفسَكِ بطلقةٍ واحدةٍ، أوْ بطلقتين)، بحيث يقيِّد التخيير بحَدٍّ لا يجوز للزوجة تَجَاوُزُه، بخلاف ما مضى من التخيير المُسَمَّى بالتخييرَ المُطْلَقِ والذي يقع بائنًا عند المالكية.

فجملة قول المالكية في التخيير: أنه إن كان تخييرًا مُطلَقًا، فإن اختيار الفراق حينئذٍ يقع بائنًا بحيث تنقطع معه العصمة، وأما إن كان


(١) يُنظر: "عقد الجواهر الثمينة" لابن شاس (٢/ ١٨١) حيث قال: "وأما المطلق، فهو التخيير في النفس، وهو أن يقول: اختاريني أو اختاري نفسك. فهذا يقتضي اختيار ما تنقطع به العصمة، وهو في المدخول بها الثلاث في المشهور".
(٢) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٣/ ٢٧٩) حيث قال: "قال لها: اختاري أو طلقي نفسك من ثلاث طلقات ما شئت (ملكت ما دونها) من واحدة وثنتين ولا تملك الثلاث؛ لأن من للتبعيض (وإن كرر) قوله: (اختاري وأراد واحدة فواحدة) تقع باختيارها".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٢٥٨) حيث قال: " (فواحدة رجعية إذ نواها أو أطلق نية الطلاق)؛ لأنه لفظ محتمل فلا يحتمل على أكثر من واحدة عند الإطلاق كقوله اختاري).
(٤) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٣/ ١٣٥) حيث قال: "ولو قال: اختاري نفسك أو أمرك بيدك بتطليقة، فاختارت نفسها فهي واحدة رجعية".

<<  <  ج: ص:  >  >>