للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَذَهَبَ مَالِكٌ (١)، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ) (٢).

قصد المؤلف رَحِمَهُ اللهُ بقوله: (قَوْلَيْهِ): هو الإمام الشافعي؛ فله مذهبان: قديم عدل عنه بعد سفره لمصر، بعد أن كتب مذهبه الجديد، وللشافعية كلامٌ طويلٌ في الاعتداد بالمَذْهب القَديم (٣).

وهُنَاك ثلاثُ مَسَائل من المَذْهب القديم اتفقوا على الأَخْذ بها.

وليسَ مَعْنى هذا: أن غيرَها من مسائل المذهب القديم غير صحيحةٍ، أَوْ ليس لها أهميةٌ.

فَالإمَامُ الشَّافعيُّ رَحِمَهُ اللهُ ربما توقف فيها، أو رجع عنها؛ لعَدَم صحة الأحاديث فيها.

ومَنْ طالع كتب الشافعية، ولَا سيَّما كتب النووي، كـ "المجموع"، وغيره: وجد أمثلةً لمثل ذلك.

فَمَذْهَبُ الإمَام الشَّافعيِّ القَديم في هَذِهِ المَسألة: يُوَافق مَذْهب الحَنفيَّة والحَنابلة بخلَاف مَذْهبه الجَديدْ وَالَّذي عبَّر عنه المُؤلِّف رَحِمَهُ اللهُ بقَوْله: "أَصَحِّ قَوْلَيْهِ"؛ فهو يُوَافق فيه المالكية.

فمَذْهب الشافعي الجديد: يُعَبر عنه بالصحيح، لكن لا يلزم ذلك ضعف القديم، فكَمْ من أحاديثَ صحَّت في القديم (٤).


(١) يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (١/ ١٦٩)، حيث قال: "ولما كان ما ينزل من الدَّم من الحامل يُسمَّى عندنا حيضًا".
(٢) وهو القول الجديد، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٢٩٣) حيث قال: والأظهر الجديد أن دم الحامل حيض".
(٣) قال النووي في "المجموع" (١/ ٦٦): "كل مسألةٍ فيها قولان للشافعي رَحِمَهُ اللهُ؛ قديم وجديد، فالجديد هو الصحيح، وعليه العمل).
وقال أيضًا (١/ ٦٨): "ليس للمفتي ولا للعامي المنتسب إلى مذهب الشافعي رَحِمَهُ اللهُ في مسألةِ القولين أو الوجهين أن يعملَ بما شاء منهما بغير نظرٍ، بَلْ عليه في القولين العمل بآخرهما).
(٤) بل حرَّم الشافعي على الناس روايتها، فقَدْ كان يقول: "ليس في حلِّ مَنْ روى عني القديم"، انظر: "البحر المحيط" للزركشي (٨/ ٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>