للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يتَّفق الشافعية (١) والحنابلة في أن الطلاق واحدةٌ رجعيةٌ، أما عند الأحناف فإنه يقع واحدةً بائنةً.

قوله: (وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقًا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَه، وَإِنْ نَوَاهُ فَهُوَ مَا أَرَادَ إِنْ وَاحِدَةً فَوَاحِدَة، وَإِنْ ثَلَاثًا فَثَلَاث) (٢).

وهاهنا يلتقي الشافعية والحنابلة في أن عدد الطلاق يخضع لنية الزوج، بحيث إن نوى واحدةً فواحدةٌ، وإن نوى ثلاثًا فثلاثٌ.

ولكنهم يختلفون في التفريق بين التمليك والتخيير، بحيث لا يرى الشافعية فرقًا بينهما في أن كلًّا منهما على الفور، بخلاف الحنابلة الذين يرون أحدهما على الفور والآخر يمتدّ إلى الأبد، وبخلاف أهل الظاهر الذين يرون أن التمليك والتخيير لا يقع بهما شيءٌ من الطلاق.

فهناك إِذَنْ أقوالٌ متعدِّدةٌ في هذه المسألة، وفروقٌ دقيقةٌ تحتاج للتأمل عند عرض الأقوال، كما أن ما أُثِرَ عن الصحابة فيها إنما هي أقوالٌ متعددةٌ مختلفة أيضًا.

قوله: (فَلَهُ عِنْدَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِي الطَّلَاقِ نَفْسِهِ، وَفِي العَدَدِ فِي الخِيَارِ أَوِ التَّمْلِيكِ، وَهِيَ عِنْدَهُ إِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا رَجْعِيَّةٌ، وَكذَلِكَ هِيَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي التَّمْلِيكِ) (٣).

يعني: عند الشافعية إن طَلَّقَت الزوجةُ نفسَهَا فإنها تكون طلقةً رجعيةً.


(١) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٣/ ٢٧٩) حيث قال: "لو (قال لها ناويًا للتفويض) للطلاق (اختاري نفسك فقالت: اخترت أو) قال: (اختاري) فقط (فقالت: اخترت نفسي ونوت) فيهما (وقع) الطلاق".
(٢) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ١٧٥) حيث قال: "فصورته: أن يقول لها: اختاري نفسك أو أمرك بيدك، فتقول: قد طلقت نفسي، فتعتبر نية الزوج".
(٣) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٤/ ٩٣) حيث قال: "وتسأل المرأة في جوابها وجوه تتصرف فيما أرادت به في خيار أو تمليك إلا أنه يناكرها في التمليك خاصة إن ادعى نية ويحلف على ما نوى".

<<  <  ج: ص:  >  >>