للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَإِنَّمَا صَارَ الجُمْهُورُ لِلْقَضَاءِ بِالتَّمْلِيكِ أَوِ التَّخْيِيرِ، وَجَعْلِ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ لِمَا ثَبَتَ مِنْ تَخْيِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ).

يقول الله - سبحانه وتعالى - سورة الأحزاب: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)} [الأحزاب: ٢٨ - ٢٩].

وقصة هذه الآية أن زوجات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ قد اجتَمَعْنَ حَوْلَهُ للمطالَبة بالزيادة في النفقة، بالرغم من معرفتهن بالحال التي كان عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنه لم يَخْتَرْ لنفسه أن يكون مَلِكًا من ملوك الدنيا، وإنما أَعْرَضَ - صلى الله عليه وسلم - عن زينة الدنيا وزخرفها واختار أن يكون عبدًا رسولًا (١)، فكان ربما يمرّ عليه الشهر وليس في بيته من الطعام إلا التمر والماء، بل إنه - صلى الله عليه وسلم - قد رَبَطَ الحجارةَ على بطنه من شدّة الجوع (٢)، لأنه كان يعلم علم اليقين فناء هذه الحياة الدنيا وبقاء ما عند الله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)} [القصص: ٨٣].

فجاء في "الصحيحين" (٣) وفي غيرهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كان ما كان من اجتماع زوجاته لمطالبته بالزيادة في نفقتهن، أنزل الله تعالى عليه هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ


(١) أخرج البخاري (٣٦٥٤) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
الناس وقال: "إن الله خيَّر عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله".
(٢) أخرج مسلم (٦) عن أنس بن مالك، قال: جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا فوجدته جالسًا مع أصحابه يحدثهم، وقد عصب بطنه بعصابة، قال أسامة: وأنا أشك على حجر، فقلت لبعض أصحابه لم عصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطنه؟ فقالوا: من الجوع.
(٣) أخرجه البخاري (٤٧٨٦)، ومسلم (١٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>