للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ: فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ اللَّفْظُ عِنْدَهُ نَصًّا، اعْتَبَرَ فِيهِ النِّيَّةَ).

ليس الشافعي وحده من ذَهَبَ إلى هذا، بل كذلك ذَهَبَ إليه أبو حنيفة وأحمد.

بل حتى الإمام مالكٌ لا يراه نصًّا، وإنما يراه كنايةً ظاهرةً، والكنايات الظاهرة - ومنها التمليك - عند مالكٍ بمثابة الصريح، بخلاف الجمهور فإنها عندهم لا بد فيها من النية، وهذا المذهب من الجمهور إنما هو من باب الاحتياط.

وهناك مسألةٌ مهمة جدًّا تتفرع من هذه المسألة، وهي إذا قالت المرأة لزوجها: "اخترتُ نفسي، أو: فسختُ نكاحَكَ" فيما إذا كان هذا القول منها يفتقر إلى النية أم لا.

فعند أبي حنيفة (١): لا يفتقر إلى نية إذا كان الرجل نواه، لأنه عندما يقول لامرأته: "اختاري نفسَكِ، أو: ملكتُكِ نفسَكِ" فكأنه أراد بهذا الطلاق.

وعند الشافعي (٢)، وأحمد (٣): لا بد من الرجوع إلى نيَّته التي تُبَيِّنُ مرادَهُ من قوله.


(١) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١١٤) حيث قال: "وإذا قال لامرأته: اختاري نفسك ينوي بذلك الطلاق أو قال لها: طلقي نفسك فلها أن تطلق نفسها ما دامت في مجلسها ذلك … وإن طلقت نفسها في قوله: طلقي نفسك فهي واحدة رجعية وإن طلقت نفسها ثلاثًا وقد أراد الزوج ذلك وقعن عليها".
(٢) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٣/ ٢٧٩) حيث قال: "لو (قال لها ناويًا للتفويض) للطلاق (اختاري نفسك فقالت: اخترت أو) قال: (اختاري) فقط (فقالت: اخترت نفسي ونوت) فيهما (وقع) الطلاق".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٢٥٥) حيث قال: "سواء جعله بلفظه بأن يقول: اختاري ما شئت أو اختاري الطلقات إن شئت، أو جعله بنيته بأن ينوي بقوله اختاري عددًا اثنين أو ثلاثًا؛ لأنه كناية خفية فيرجع في قول ما يقع بها إلى نيته كسائر الكنايات الخفية".

<<  <  ج: ص:  >  >>