للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مالكٌ: فمذهبه في ذلك معروفٌ، وقد سبق بيانه.

قوله: (فَسَبَبُ الخِلَافِ: هَلْ يُغَلَّبُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَوْ دَعْوَى النِّيَّةِ؟).

ولا شكَّ هاهنا في أن ما ذهب إليه الجمهور أقوى وأصحُّ؛ لأن النية مُرادةٌ بذاتها وتأثيرها عظيمٌ في الأعمال لا سيما الأعمال التعبدية، ولذلك سول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنِّيَّات، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى" (١).

قوله: (وَكَذَلِكَ فَعَلَ فِي التَّخْيِيرِ).

أي: أنها إذا اختارت نفسها كان ذلك طلاقًا ثلاثًا بائنًا عند مالكٍ.

قوله: (وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ لَهُ مُنَاكَرَتَهَا فِي العَدَدِ - أَعْنِي: فِي لَفْظِ التَّمْلِيكِ، لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً مُحْتَمَلَةً فَضْلًا عَنْ ظَاهِرِهِ).

والمؤلف هاهنا يعرض حُجَّةَ الجمهور لا حُجَّة المالكية، ومراده أن الزوج إذا لم يكن حَدَّدَ العدَدَ في لفظ التمليك فإن له حينئذٍ أن يناكرها ويقول: "بل قلتُ كذا وكذا".

قوله: (وَإِنَّمَا رَأَى مَالِكٌ (٢)، وَالشَّافِعِيُّ (٣) أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِتَمْلِيكِهِ إِيَّاهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً أَنَّهَا تَكُونُ رَجْعِيَّةً، لِأَنَّ الطَّلَاقَ إِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى العُرْفِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ طَلَاقُ السُّنَّةِ).

هذا لأن طلاق السُّنة ينصرف إلى أنها طلقةٌ واحدةٌ، وهذا الرأي


(١) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧).
(٢) يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٤/ ٧٣) حيث قال: "اخترت الطلاق فتسأل في التمليك والتخيير؛ لأن هذه الألف واللام قد يراد بها الجنس فيكون ثلاثًا أو يراد بها العهد وهو الطلاق السني وهو واحدة".
(٣) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٨/ ٤٩) حيث قال: "قال لها: اختاري نفسك ونوى تفويض الطلاق، فقالت: اخترت نفسي، أو اخترت ونوت، وقعت طلقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>