للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ التَّمْلِيكَ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَقَطْ، أَوِ التَّخْيِيرَ، فَإِنَّمَا ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الاسْم، وَاحْتِيَاطًا لِلرِّجَالِ).

وهذا القول هو الأقرب للفقه، لأن الله تعالى عندما وَجَّهَ المؤمنين لذلك قال في كتابه الكريم: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} [الطلاق: ١]، ثم قال تعالى بعدها: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١]، أي: أن الله - سبحانه وتعالى - كما جعل الطلاق بيد الرجل، فإنه - سبحانه - جعل العدة كذلك فرصةً لمراجعة النفس وإعادة التفكير، فإذا كان هذا في حقِّ الرجل مع ما فيه من التروي والتمهل وبُعد النظر، فهو من باب أَوْلَى أن يكون كذلك عندما يكون الطلاق بيد المرأة مع ما فيها من التهور والاندفاع.

قوله: (لِأَنَّ العِلَّةَ فِي جَعْلِ الطَّلَاقِ بِأَيْدِي الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ هُوَ لِنُقْصَانِ عَقْلِهِنَّ، وَغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ عَلَيْهِنَّ مَعَ سُوءِ المُعَاشَرَةِ)

وكون المرأة تَتَّسِمُ بالاندفاع والتهور لا يعني الانتقاصَ منها ولا هضم حقّها كما يَدَّعِي أعداء الإسلام، بل إن المرأة لم تَلْقَ تكريمًا ومنزلةً أعظَمَ من المنزلة التي مَنَحَها الإسلام إيَّاها، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - حضَّ على العناية بهن ورعايتهن، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "استوصوا بالنساء خيرًا، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله" (١)، فمهما كان فيهن من الاعوجاج فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أوصى بالرفق بهن واللين؛ لأنهن خُلِقْنَ من ضلعٍ أعوج، وهذا الضلع إذا أردتَ أن تقيمه فإنه ينكسر حينئذٍ.

قوله: (وَجُمْهُورُ العُلَمَاءِ (٢) عَلَى أَنَّ المَرْأَةَ إِذَا اخْتَارَتْ زَوْجَهَا


(١) أخرجه مسلم (١٢١٨).
(٢) مذهب الحنفية: ينظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٣/ ٣٣٦) حيث قال: "فلو اختارت زوجها لم يقع وخرج الأمر من يدها".
مذهب المالكية: ينظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (٢/ ٥٨٧) حيث=

<<  <  ج: ص:  >  >>