للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ المُتَقَدِّمِ، وَرُوِيَ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ أَنَّهَا إِذَا اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ، وَإِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَثَلَاثٌ) (١).

قد تَكَلَّمْنَا عن اختيار المرأة نفسها عند تفويض الرجل إيَّاها في ذلك، والكلام الان عن اختيارها زَوْجَهَا، كأن تقول: "اخترتُكَ"، كما فَعَلَ أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه المسألة بها قولان لأهل العلم:

القول الأول: وهو مذهب جمهور أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة، وهو أن الزوجة إذا اختارت زوجَهَا فإن ذلك ليس بطلاقٍ؛ لقول عائشة - رضي الله عنها -:" خَيَّرَنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترناه، ولم يكن طلاقًا"، وفي روايةٍ أخرى: "ولم نعده طلاقًا" (٢)، وفي روايةٍ أخرى: "ولم نحسبه طلاقًا"، و"لَمْ" نافيةٌ، فتدل على عدم وقوع الطلاق في هذه المسألة.

القول الثاني: قول الحسن البصري، وهو ما رُوِيَ عن عليٍّ - رضي الله عنه -، بأنها إذا اختارت زوجَها فإنها تكون طلقةً واحدةً، وإذا اختارت نفسها فإنها تكون ثلاثَ طلقاتٍ تَبِينُ بِهَا منه، وهذا القول يلتقي مع قول مالكٍ في أنها تَبِينُ منه بثلاث طلقاتٍ إذا اختارت نفسها، ولكن مالكًا يخالف الحسن البصري فيما إذا اختارت المرأةُ زَوْجَهَا فلا يراه مالكٌ طلاقًا (٣).


= قال: "من خيَّر امرأته فقال: اختاري فاختارت زوجها لم يلزمه طلاق وثبت على نكاحها".
يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ١٧٤) حيث قال: "وإن اختارت زوجها أو لم يكن لها اختيار لم تطلق".
مذهب الحنابلة: ينظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ٤١٠) حيث قال: "وإن خيرها، فاختارت زوجها، أو ردت الخيار، أو الأمر، لم يقع شيء. نص عليه أحمد، في رواية الجماعة".
(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٧٢) حيث قال: "وروي عن الحسن البصري أنها إذا اختارت زوجها فواحدة وإن اختارت نفسها فثلاث".
(٢) أخرجه مسلم (١٤٧٧).
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>