للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم أجمعوا على أن الدم بعد الوضع إنما هو دم نفاس (١)، لَكن ما تراه وقت الطلق، أو قبله بقليل:

فالحنابلة: يعتبرونه نفاسًا إذا تقدم الوضع بثلاثة أيام، أو يومين، أو يوم.

والمالكية: مذهبهم قريب من هذا.

والشافعية: يُنازعون في ذلك.

أما الحنفية: فيعتبرونه دم استحاضة.

وعليه: فلَيْس في المسألة إجماع، فالإجماعُ ألَّا يخالف في المسألة أحد، فإذَا كان الأئمَّة الأربعة أنفسهم وقَعَ بينهم خلاف -وهم معدودون- فما الظنُّ لو استقصينا آراء العلماء في المسألة؟!

قوله: (وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الحَيْضِ فِي مَنْعِهِ الصَّلَاةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ) (٢).

النِّفاسُ يَلْتقي مع الحيض في جُلِّ أحكامِهِ، ولكن هناك مسائل ذَكَرها العلماء لا يأخُذُ النفاسُ فيها حكمَ الحيض؛ منها ما يلي:

(١) أنَّ النفاس لا يعتد به بالنسبة لبلوغ المرأة بخلاف الحيض (٣).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي، وَحَاشية ابن عابدين (١/ ٢٩٩)، حيث قال: "والنفاس … دم … ويخرج من رحمها، فلو ولدته من سرتها إن سال الدم من الرحم فنفساء، وإلا فذات جرح، وإن ثبت له أحكام الولد عقب ولد أو أكثره ولو متقطعًا عضوًا عضوًا لا أقله".
ومذهب الشافعية، يُنظر. "نهاية المحتاج" للرملي (١/ ٣٢٣)، حيث قال: "النفاس. الدم الخارج بعد فراغ الرحم من الحمل، فَخَرج بذلك دم الطلق، والخارج مع الولد فليس بحيضٍ، لكونه من آثار الولادة، ولا نفاس لتقدُّمه على خروج الولد، بل هو دم فساد إلا أن يتصل بحيضها المتقدم، فإنه يكون حيضًا".
(٢) تقدم ذلك ضمنًا في ذكر مذاهب أهل العلم.
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين على الدر المختار" (١/ ٢٩٩)، حيث قال: " (قوله: إلا في سبعة) هي البلوغ … فقوله البلوغ … إلخ " لأنه لا يتصور به، لأن البلوغ قد حَصَل بالحبل قبل ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>