للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحنابلة (١) من يخالف إمامه يعني: ينضم إلى الحنفية والمالكية في أنَّ اللفظ الصريح في الطلاق إنما هو لفظ الطلاق فقط.

ولهم تعليقٌ على قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ} [الطلاق: ٢].

قالوا: ليس المراد بالمفارقة الطلاق وإنما هو عدم ارتجاعها.

وقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩].

قالوا: المراد من ذلك عدم الرجعة.

فالمسألة فيها خلافٌ، ولا شك أنَّ الذين اتجهوا إلى أنَّ اللفظ

الصريح الذي لا غبار عليه هو لفظ الطلاق، ويظهر لي أن هذا هو أصرح، لكن الأخرى أقل ما يكون فيها أنها كنايات ظاهرة، فتلحق بذلك، لكن لو قال إنسان لامرأته أنا فارقتك، إن قلنا هي لفظ صريح وقع الطلاق وانتهى كمذهب الشافعي وأحمد، وإذا قلنا هي كناية فيرجع إلى نيته.

وهنا يظهر الفرق بينهما؛ لأنه عندما يقول: فارقتك يمكن أن يكون قصده فارقتك إلى العمل، فارقتك بجسمي، فارقتك بقلبي، هناك احتمالات كثيرة.

وعندما يقول: سرحتك. يمكن أن يكون قصده سرحتك من يدي كان ممسكًا بها وأطلقها ونحو ذلك، إذًا هناك احتمالاتٌ، أما الطلاق فلا.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ (٢): لَا يَقَعُ طَلَاقٌ إِلَّا بِهَذِهِ الثَّلاثِ. فَهَذَا هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي صَرِيحِ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِهِ).

منهج أهل الظاهر هو الأخذ بظواهر النصوص فهم لا ينظرون إلى


(١) مثل ابن حامد. يُنظر: "الهداية" للكلوذاني (ص ٤٣١) حيث قال: "وقال ابن حامدٍ: صريحه لفظ واحدٌ وهو الطلاق وما تصرف منه".
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١٠/ ١٨٥) حيث قال: "لا يقع طلاقٌ إلا بلفظٍ من أحد ثلاثة ألفاظٍ: إما الطلاق وإما السراح وإما الفراق".

<<  <  ج: ص:  >  >>