للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعهم الحنابلة (١)

يعني لو قال: أنتِ طالق، وقال: ما أردت الطلاق، يقال له: بل أردت؛ لأن هذا لفظ صريحٌ لا يحتمل غيره إلا احتمالًا بعيدًا جدًّا، فيقول: أنا أردت أنها طالقٌ من الوثاق أي: من القيد أي: من الرباط، فحينئذٍ يقبل كلامه في هذا المقام.

قوله: (وَفِقْهُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الشَّافِعِي وَأَبِي حَنِيفَة: أَنَّ الطَّلَاقَ عِنْدَهُمْ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ).

الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد (٢) يرون أن الأمر لا يحتاج في صريح الطلاق إلى نية، ولا في الكنايات الصريحة عدا الشافعية (٣).

قوله: (وَأَمَّا مَالِكٌ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّ الطَّلَاقَ عِنْدَهُ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، لَكِنْ لَمْ يُنَوِّهْ هَا هُنَا لِمَوْضِعِ التُّهَمِ).

لم يعتبر النية هنا؛ لأنه متهمٌ فما دام متهمًا، فنعامله بنقيض قصده، فنقول: أنت ما دمت قلت هذا، فهذه تحتمل الطلاق، إذًا يقع الطلاق.

قول: (وَمِنْ رَأْيِهِ: الْحُكْمُ بِالتُّهَمِ سَدًّا لِلذَّرَائِعِ).

المالكية يتوسعون في باب سد الذرائع، فيتشدَّدون في بعض الأمور، وتوضع هناك ضوابطُ، فقد يمنعون من بعض الأمور المحتملة حتى لا يتجرأ أحدٌ على بعض أحكام الشريعة الإسلامية.

قوله: (وَذَلِكَ مِمَّا خَالَفَهُ فِيهِ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، فَيَجِبُ عَلَى


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٨٣) حيث قال: " (وإن أراد) أن يقول: (طاهرًا أو نحوه) كإرادته أن يقول: طاعنًا أو طامعًا (فسبق لسانه) بطالق، أو أراد أن يقول طلبتك فسبق لسانه بطلقتك دين ولم يقبل حكمًا".
(٢) تقدَّم.
(٣) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>