للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْيِ مَنْ يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ فِي أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ وَلَا يَحْكُمُ بِالتُّهَمِ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيمَا ادَعَى).

وأحمد.

قوله: (وأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فَهِيَ اخْتَلَفوا فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِق، وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَكثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ: إِمَّا ثِنْتَيْنِ وإِمَّا ثَلَاثًا).

أطلق اللفط وقال: أنت طالق، فهذا اللفظ عندما يطلق، فظاهره أنه لا يقصد به الثلاث، لكن من باب سد الذرائع على مذهب مالك إن قال هذا فيرجع إلى نيته.

قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ مَا نَوَى (١)، وَقَدْ لَزِمَهُ - وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٢)، إِلَّا أَنْ يُقَيِّدَ فَيَقُولَ: طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ (٣)، فَقَالَ: لَا يَقَعُ ثَلَاثًا بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا يَتَضَمَّنهُ لَفْظُ الْإِقْرَادِ، لَا كنَايَةً وَلَا تَصْرِيحًا).

لو قال الرجل لامرأته: أنت طالق وسكت حينئذ يُرجع إلى نيته، فلو يقصد طلقة واحدةٍ فحينئذ يؤخذ بنيته عند العلماء جميعًا، وإذا أراد أكثر من ذلك فهل للنية تأثيرٌ في اللفظ؟


(١) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (٢/ ٥٧٢) حيث قال: "من قال لامرأته أنت طالقٌ فهي واحدةٌ إلا أن ينوي أكثر من ذلك، فإن نوى بقوله أنت طالقٌ اثنتين أو ثلاثًا لزمه ما نوى، وإن لم ينو شيئًا فهي واحدةٌ يملك الرجعة".
(٢) يُنظر: "منهاج الطالبين" للنووي (ص ١٠٧) حيث قال: "ولو قال أنت طالقٌ واحدةً ونوى عددًا فواحد وقيل المنوي".
(٣) يُنظر: "الهداية" للمرغيناني (١/ ٢٣١) حيث قال: "ولو قال أنت الطلاق أو أنت طالقٌ الطلاق أو أنت طالق طلاقًا فإن لم تكن له نيةٌ أو نوى واحدةً أو ثنتين فهي واحدةٌ رجعيةٌ، وإن نوى ثلاثًا فثلاثٌ، ووقوع الطلاق باللفظة الثانية والثالثة ظاهرٌ؛ لأنه لو ذكر النعت وحده يقع به الطلاق فإذا ذكره وذكر المصدر معه وأنه يزيده وكادة أولى".

<<  <  ج: ص:  >  >>