للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَمَنِ اكتَفَى بِالنِّيَّةِ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" (١)).

هذا الحديث عظيمٌ، وهو من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم -، وذكر العلماء أنَّ مدار أحكام الشريعة والفقه الإسلامي على أربعة أحاديث منها هذا الحديث (٢) ونجد أنَّ البخاري افتتح به كتابه، ولذلك مدار الأعمال على النيات، إذ النية شرعت لتمييز العبادات بعضها عن بعضٍ لنعرف هذه من هذه، وهذه واجبة وهذه غير واجبة، وتمييز العبادة عن العادة.

فإذًا النية مقصودة، ولكن بالنسبة للطلاق بيَّن لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن جده وهزله سيان، فليحذر الإنسان أن يقع في ذلك.

قوله: (وَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرِ النِّيَّةً دُونَ اللَّفْظِ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا" (٣). وَالنِّيَّةَ دُونَ قَوْلٍ حَدِيثُ نَفْسٍ).

هذا يمثِّل حديثين وليس حديثًا واحدًا، القسم الأول منه هو: "أن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" حديث حسن (٤)، أما الآخر فمتفقٌ عليه وهو: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به" (٥) وهذا من لطف الله - سبحانه وتعالى - بنا.


(١) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧).
(٢) قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (٢/ ٢٢٦): "قال محمد بن صالح الهاشمي: قال لنا أبو داود: أقمت بطرسوس عشرين سنةً أكتب المسند، فكتبت أربعة آلاف حديثٍ، ثم نظرت فإذا مدار الأربعة آلاف على أربعة أحاديث لمن وفقه الله تعالى، فأولها حديث: "الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن"، وثانيها حديث: "إنما الأعمال بالنيات"، وثالثها: "إن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا"، ورابعها: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"".
(٣) تقدَّم.
(٤) تقدَّم.
(٥) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>