للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجع إلى مشيئته، فإن قال الطلاق نافذ نفَذَ، وهذا ليس عند مالك بل عند الأئمة كلهم (١).

قوله: (وَأَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا مَشِيئَةَ لَهُ: فَفِيهِ خِلَاف فِي الْمَذْهَبِ، قِيلَ: يَلْزَمُهُ الطَّلَاق، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ (٢)).

المؤلف يقول: إذا علق الطلاق بأمرٍ غير متوقع، لكن أكثر كالحنابلة يفسرون فيقولون: بالمستحيل يعني: إن علقه بالمستحيل (٣)، والمؤلف هنا جاء بعبارةٍ أخرى، من لا مشيئة له: وهو الذي يكون من الأمور المستحيلة، كأن يقول: زوجتي طالق إن شاء هذا العمود، أو إن شاء هذا الجدار، أو إن شاء هذا الحائط، أو هذا البستان، أو هذا النهر، أو هذا الحجر، أو هذه الصخرة، أو هذا الميت، فهذا أمر مستحيل؛ لأنَّ الجدار والحجر جمادان لا ينطقان، والميت قد انتقل من هذه الحياة، فالمشيئة هنا غير واقعةٍ، فالطلاق يقع في هذه الحالة.

قوله: (وَالصَّبِي وَالْمَجْنُونُ دَاخِلَان فِي هَذَا الْمَعْنَى (٤)، فَمَنْ شَبَّهَهُ بِطَلَاقِ الْهَزْلِ؛ وَكانَ الطَّلَاقُ بِالْهَزْلِ عِنْدَهُ (٥) يَقَعُ قَالَ: يَقَعُ هَذَا الطَّلَاقُ. وَمَنِ اعْتَبَرَ وُجُودَ الشَّرْطِ قَالَ: لَا يَقَعُ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ عُدِمَ هَاهُنَا (٦)).


(١) تقدَّم.
(٢) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (٢/ ٥٨٠) حيث قال: "ومن قال لامرأته أنت طالق إن شاء هذا الحجر أو الحائط أو فلانٌ قد مات لم تطلق في شيءٍ من ذلك كله، وقد قيل أنه يلزمه الطلاق".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٠٦) حيث قال: " (وإن علقه) أي الطلاق ونحوه (بفعلٍ مستحيلٍ عادةً) وهو ما لا يتصور في العادة وجوده، وإن، وجد خارقًا للعادة لم تطلق".
(٤) يعني داخلان في معنى تعليق الطلاق.
(٥) هو محل إجماع بين الفقهاء أنَّ طلاق الهازل واقعٌ. قال ابن المنذر في "الأوسط" (٩/ ٢٥٩): "أجمَع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنَّ جدَّ الطلاق وهزله سواءٌ".
(٦) قد تقدَّم أنه أحد قولي المالكية، وأن مذهب الحنابلة وقوع الطلاق، ومذهب الحنفية والشافعية أن الطلاق لا يقع. =

<<  <  ج: ص:  >  >>