للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَفَرَّقَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ الطَّلَاقَ أَوْ لَا يَنْوِيَ شَيْئًا، فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَعَنْهُمْ قَوْلَان: أَصَحُّهُمَا لُزُومُه، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَقَوْلَان: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ (١)).

لأنَّ الطلاق لا يختلف جده عن هزله، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ثلاثٌ جدَّهنَّ جدٌّ وهزلهنَّ جَدٌّ: الطلاق والنكاح والعتق" (٢)، فهذا قد تلفظ بالطلاق فيقع سواء نواه أو لم ينوه، ولا أثر للنية في ذلك.

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ (٣): هُوَ وَاقِعٌ، وَكَذَلِكَ عِتْقُهُ دُونَ بَيْعِهِ، فَفَرَّقُوا بَيْنَ الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ (٤)).

الحنفية يقولون: لأنَّ الطلاق يختلف لأنه مغلظ وفيه تشديدٌ، فلا يختلف جده عن هزله، أما البيع الأمر فيه أخفُّ في هذا المقام.

قوله: (وَسَبَبُ الْخِلَافِ: هَلِ الْمُطَلِّقُ مِنْ قِبَلِ الإكرَاهِ مُخْتَارٌ أَمْ ليْسَ بِمُخْتَارٍ؛ لِأَنَّهُ ليْسَ يُكْرَهُ عَلَى اللَّفْظِ إِذْ كانَ اللَّفْظُ إِنَّمَا يَقَعُ


(١) يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (٣/ ٢٨٩) حيث قال: " (فإن ظهرت) من مكرَهٍ بفتح الراء (قرينة اختيارٍ) منه للطلاق (بأن) أي كأن (أُكره) بضم الهمزة (على ثلاثٍ فوحَّدَ) أي طلق واحدةً (أو) على طلاقٍ (صريح أو) على (تعليقٍ) له (فكنى) ونوى (أو نجز أو على) أن يقول (طلقت) زوجتي (فسرَح) بتشديد الراء أي قال سرحتها (أو) وقع الإكراه".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١١٣) حيث قال: "وطلاق المكره والسكران واقعٌ".
(٤) يُنظر: "النتف في الفتاوى" للسغدي (٢/ ٦٩٧) حيث قال: "أما الإكراه في الرخص فعلى ثلاثة أوجهٍ:
أحدها: لا يصح فيه الإكراه متفقًا عليه مثل البيع والشراء، والثاني: يصح من الإكراه متفقًا عليه وهو مثل الرجعة بالجماع والفيء بالجماع والأحداث الموجبة الطهارة ونحوه … والثالث: مختلفٌ فيه وهو ستة أشياء: النكاح، والطلاق، والرجعة بالقول، والتدبير، والعتق، والإقرار بأمِّ الولد".

<<  <  ج: ص:  >  >>