للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام الليث هو من الأئمة المشهورين يفرق بين القول وغيره، فيرى أنَّ ما وقع منه قولٌ بلسانه لا يؤاخذ به، كالطلاق، والبيع، والعتق، والشراء، وما نحو ذلك، وما جنته جوارحه، أي: ما حدث بيده أو برجله فإنه في هذه الحالة يطالب بذلك ويلزمه.

قوله: (وَثَبَتَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه - أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى طَلَاقَ السَّكْرَان (١)، وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ (٢)).

يقصد بذلك الإمام ابن المنذر صاحب "الإجماع" المعروف و"الأوسط" و"الإشراف"، وهو من العلماء الأعلام يرى: أنَّ ما جاء عن عثمان - رضي الله عنه - قد صحَّ، وجاء في صحيح البخاري وفي غيره، وأنه لا مخالف له من الصحابة، فحكى بعضهم أن ذلك إجماعًا أو شبه إجماعٍ (٣).

فما جاء عن عليٍّ لم يثبت بطريقٍ صحيحٍ (٤)، لكن ما حدث بأن طلاق السكران لم يقع؛ لأنه ثبت عن عثمان بطريقٍ صحيحٍ، ولذلك تمسك


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٩/ ٥٥٦) عن أبان بن عثمان، عن عثمان، قال: كان لا يجيز طلاق السكران والمجنون. وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٥٤٣).
(٢) نسبه ابن المنذر للبعض دون بيان فقال في "الأوسط" (٩/ ٢٥١): "واحتجوا بحديث عثمان - رضي الله عنه -، وقالوا: لا نعلم أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خالفه".
(٣) تقدم نقل الكلام عن ابن المنذر.
(٤) ذكره البخاري تعليقًا (٧/ ٤٥)، ووصله البغوي في الجعديات (١/ ٤٤٩)، وقال ابن حجر في "فتح الباري" (٩/ ٣٩٣): "وقد ورد فيه حديث مرفوعٌ أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة مثل قول علي وزاد في آخره: "المغلوب على عقله"، وهو من رواية عطاء بن عجلان وهو ضعيف جدًّا". والحديث المشار إليه قد تقدَّم تخريجه وتضعيفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>