للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ طَلَاقَهُ غَيْرُ وَاقِعٍ (١)).

هذا الحديث مع ضعفه احتج به جمهور العلماء الذين قالوا: "كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه" (٢)، معنى هذا أنَّ طلاق السكران واقعٌ، وهذا يصلح حجةً للفريق الآخر؛ لأن السكران يعتبر معتوهًا، أي: ذهب عقله، وذهاب العقل إما أن يكون بالجنون، وقد يكون بالسكر، واللّه تعالى يقول: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]، ولذلك يقيد العلماء السكران الذي لا يقع طلاقه؛ لأنه لا يكون مدركًا لما يقول، وهو الذي وصل إلى درجة الهذيان.

والذين قالوا بأنَّ السكران مكلفٌ، استدلوا بقصة الكلب عندما جاء إلى عمر - رضي الله عنه - حين أرسله خالد بن الوليد يسأله عن قصة مع السكران إذا قذف، قصة القذف قالوا: هؤلاء أصحاب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فاسألهم، وكان فيهم عليٌّ، وعبد الرحمن بن عوفٍ، وعثمان، فقال عليٌّ: إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، حدوه حدَّ المفتري، أي: يجلد حتى الجلدة الثمانين، فقالوا: إذًا يقام عليه حد السكر، وطالما يقام عليه الحد معنى هذا أنه مكلفٌ، إذًا يقع طلاقه (٣).

قوله: (وَأَمَّا الْمَرِيضُ الَّذِي يُطَلِّقُ طَلَاقًا بَائِنًا ويمُوتُ مِنْ مَرَضِهِ،


(١) تقدَّم.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٣٢٠) عن ابن وبرة الكلبي قال: أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر - رضي الله عنه - فأتيته ومعه عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهما - وعلي وطلحة والزبير - رضي الله عنهم - وهم معه متكئون في المسجد، فقلت: إنَّ خالد بن الوليد أرسلني إليك وهو يقرأ عليك السلام ويقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر، وتحاقروا العقوبة فيه، فقال عمر - رضي الله عنه -: هم هؤلاء عندك فسألهم، فقال علي - رضي الله عنه -: نراه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون، قال فقال عمر - رضي الله عنه -: أبلغ صاحبك ما قال. وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٠٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>