للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى كفارةٍ، ولكن المهم أنَّ نذر المعصية لا يفعله الإنسان، والرسول - صلى الله عليه وسلم - بيَّن أنَّ النذر لا يأتي بخيرٍ وإنما يستخرج به من البخيل، لأنَّ الإنسان بدل أن ينذر ليعمل عملًا طيبًا كأن يتصدق أو يعمل فعلًا من أفعال البرِّ، لا يحتاج الأمر إلى أن ينذر، بل عليه أن يؤدي ذلك بنفس طيبةٍ، لكن لو قدِّر أنه حصل فلا يخلو من أمرين:

١ - إما أن يكون نذر طاعةٍ: كأن ينذر أن يتصدق، أو أن يحسن إلى المساكين، أو يحسن إلى جيرانه، أو أن يعبد اللّه - سبحانه وتعالى -، أو أن يكثر من الصلوات التطوعية إلى غير ذلك، فهذا عمل خيرٍ وبرٍّ، ويجب عليه أن يوفي به.

لكن لو نذر أن يرتكب معصية من المعاصي فلا يجوز له أن يفعل ذلك.

٢ - أن يكون نذر معصيةٍ: والمؤلف يقول هنا: هذا الذي فيه شبه، وإن كان الشبه هو القياس ليس قياس علةٍ، لكنه شبه هذا أيضًا الذي حجر وضيَّق على نفسه فقال: أي امرأة أتزوجها، هو يشبه نذر المعصية فلا يلتفت إليه.

قوله: (وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا طَلَاقَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ (١)).

أحاديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده هي صحيحةٌ، وقد أخذ


= يُنظر: "الفواكه الدواني" للنفراوي (١/ ٤١٥) حيث قال: "ناذر المعصية لا شيء عليه سوى الإثم، وإنما نص على ذلك للرد على أبي حنيفة في قوله: يلزمه كفارة".
و"أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٥٧٧) حيث قال: " (لا ينعقد النذر بالتزام المعِصية) كشرب خمرٍ وزنا وصلاةٍ بحدثٍ لخبر مسلمٍ السابق فلا تجب به كفارةٌ إن حنث".
(١) أخرجه ابن ماجه (٢٠٤٨) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٠٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>