للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩]، هذا بالنسبة لغير المدخول بها.

لكن المدخول بها التي تطلق طلاقًا رجعيًّا وتعتدٌّ، يبين اللّه - سبحانه وتعالى - أنَّ لزوجها الرد: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، كأن يقول: رددتُ زوجتي، كما في هذه الآية، وكما في قوله - سبحانه وتعالى -: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] فهذا نصٌّ في كتاب اللّه عز وجل على أنَّ للزوج أن يراجع زوجته ما دامت في العدة، وأنها لا خيار لها في ذلك، وأنه لا حاجة لرضاها في هذا الأمر، كما قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - عندما طلَّق عبد اللّه بن عمر زوجته فجاء والده إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يسأله قال له رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أي لعمر -: "مره فليراجعها" (١)، لا شك أنَّ ذلك ما دامت في العدة، أمَّا إذا انتهت العدة فيتغير الأمر فيحتاج إلى أن يكون خاطبًا من الخاطبين، ولابد من وليٍّ وصداقٍ ورضا الزوجةِ، اللّه - سبحانه وتعالى - قدم دْلك بقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: ٢٢٨] ثم قال: { … وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: ٢٢٨]، أي أن هذا هو خير، فاللّه - سبحانه وتعالى - بيَّن في سورة الطلاق ورغب في قوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١]، لكن يختلف الأمر إلى الذي لم يدخل الزوج بها؛ لأن هذه لا عدة لها فلا يملك الرجعة، ولو طلقها طلقةً واحدةً بانت منه، ولو قال الإنسان قد راجعت زوجتي فإنه بلا شك راجعها، لكن هل يحتاج الأمر إلى شاهدين؟

ذهب مالك (٢) وأبو حنيفة (٣) والشافعي (٤) .......................


(١) أخرجه البخاري (٥٢٥١)، ومسلم (١٤٧١).
(٢) تقدَّم.
(٣) يُنظر: "الهداية" للمرغيناني (٢/ ٢٥٤) حيث قال: "والرجعة أن يقول راجعتك أو راجعت امرأتي"، وهذا صريح في الرجعة، ولا خلاف فيه بين الأئمة .. ويستحب أن يشهد على الرجعة شاهدين".
(٤) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>