للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاف في هذه المسألة ليس كبيرًا، إنما هو خلاف بين الجمهور والحنفية.

مذهب الجمهور:

أما الأئمة الثلاثة مالكٌ (١)، والشافعيُّ (٢)، وأحمدُ (٣) فَيَرَوْنَ أن الطلاقَ لا يقع إلا بعد تمام الأشهُر الأربعة، فإذا تمت هذه الأشهر الأربعة فللمرأة حينئذٍ أن تطالِبَه بالوطء؛ لأنه حقٌّ من حقوقها، فإن فاءَ ورجَعَ إلى وَطْءِ زَوجَتِهِ فقد رُفِعَ الإشكال هاهنا، إلا أن يكون لديه عُذرٌ كالمرض أو انشغاله بالصلاة أو الطعام أو ما شابه أو أن يكون سجينًا لا يستطيع الوصول لزوجته، فحينئذٍ يُعطَى الفرصةَ حتى يَرتَفِعَ عنه عُذرُه، بِشَرْطِ أَلَّا يُتَّخَذَ هذا وسيلةً إلى التَّهَرُّبِ من الفيئة.

أما إذا لم يَفِئْ أُمِرَ بالطلاق، فإن طَلَّقَ وإلا طَلَّقَ عليه الحاكمُ لِرَفْعِ الضَّرَرِ الواقع على الزوجة بعدم الوطء.

ولذلك أُثِرَ أن عُمَرَ - رضي الله عنه - سَأَلَ بعض الزَّوْجَاتِ عن المُدَّةِ التي يمكن فيها للمرأة أن تَصبِرَ عن الزوج، فَذُكِرَ له أنها تَصبِرُ شَهرَيْن، فقال: فإذا كان الثالثُ؟ قيل: بَدَأَ يَقِلُّ صبْرُهَا. قال: فإذا انتهى الرابعُ؟ قيل: نَفَذَ صَبْرُهَا. فَأَرْسَلَ بذلك إلى الأجناد الذين يُرابِطُون على الثغور (٤).

وفي هذا دلالةٌ جَلِيَّةٌ على اهتمام خلفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمور المسلمين، وهو منهجٌ - بحمد الله - لا تزال آثارُه باقيةً وسوف تَبْقَى إلى أن يَرِثَ اللّهُ الأرضَ ومَن عليها، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفةٌ مِن أمَّتي ظاهِرِين على الحقِّ" (٥).


(١) تقدم تخريجه في المتن.
(٢) تقدم تخريجه في المتن.
(٣) تقدم تخريجه في المتن.
(٤) أخرجه عبد الرزاق (٧/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>