للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ترى القصة البيضاء، فتغتسل وتصلِّي، فَإِنْ رأت بعد ذلك -أي: بعد زمن الحيض- صفرةً أو كدرةً، فَلْتَتوضأ ولتصلِّ، فهذا الدم الأحمر -صفرةً أو كدرةً- هو دم الاستحاضة.

"فلتغتسل ولتصلِّ": على خلافٍ بين العلماء في أن المستحاضة تقتصر على الوضوء لكل صلاةٍ أو تغتسل؟ (١).

والصحيح: أنها تتوضأ لكل صلاةٍ، ولا يلزمها الغسل لكل صلاة (٢).

ووجه ذلك: أن الشريعة الإسلامية قامت على اليسر والتخفيف ومراعاة أحوال الناس، فالمستحاضة والنفساء ومَنْ به سلس البول، ومن به جرح يستمر خروج الدم منه، ومَنْ يستمر رعافه، ومَنْ يغلب عليه خروج بعض النجاسات إلى غير ذلك، فهؤلاء وَضَعت لهم الشريعةُ أحكامًا خاصةً، وراعت في ذلك أحوالهم.

وَمِنْ هنا: استخرجَ العُلَماء القاعدة المعروفة: "المشقَّة تجلب التيسير" (٣).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ٢٠)، حيث قال: "والمستحاضة … يتوضؤون لوقت كل صلاةٍ، فيصلون بذلك الوضوء في الوقت ما شاؤوا من الفرائض والنوافل، فإذا خرج الوقت، بطل وضوؤهم، وكان عليهم استئناف الوضوء لصلاةٍ أُخرى".
ومذهب المالكية، يُنظر: "النوادر والزيادات" لابن أبي زيد (١/ ٥٨) حيث قال: "قال أشهب، عن مالك: الوضوء للمستحاضة مستحبٌّ، ولو صلت صلاتين بوضوء واحد، لم تعد".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (١/ ٣٩٧) حيث قال: "ويجب الوضوء لكل فرض ولو منذور، أو تتنفل ما شاءت كالمتيمم بجامع دوام الحدث فيهما، وصح قوله - صلى الله عليه وسلم - لمستحاضةٍ: "تتوضأ لكل صلاة".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٢١٥) حيث قال: ووتتوضأ لوقت كل صلاةٍ إن خرج شيء".
(٢) وهو مذهب الجمهور.
(٣) يُنظر: "الأشباه والنظائر" للسبكي (١/ ٤٩)، و"الأشباه والنظائر" لابن نجيم (ص ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>