للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتصر الأمر على امتناع الزوج عن جِماع زَوجَتِه، أما الرجعة فقد سَبَقَهَا طلاقٌ، وهذا الطلاق يَتَحَتَّمُ إن لم يَتدارَك الزوجُ الأمرَ ويُراجِع المرأةَ قبل انقضاء العدة؛ لأنه إذا طَلَّقَ طلقةً واحدةً أو اثنتين ثمَّ راجَعَ زَوجَتَه في أثناء العدَّةِ عادت إليه دون الحاجة إلى صداقٍ ولا وليٍّ ولا شهودٍ، بل دون الحاجة إلى رضاها، أمَّا إذا انقَضَت العدة فلا بدَّ حينئذٍ من زواجٍ جديدٍ برغبتها ورضاها ووجود وليٍّ وشهودٍ وصداقٍ جديدٍ، فالأمر في عدة الطلاق الرجعيِّ يختلف فيما إذا كان الأمر قد تمَّ تَدَارُكُهُ قبل انقضاء العدة أم بعد إنتهائها.

فهما يتشابهان من حيثُ الفرصة المتاحة أمام الزوج، لكن يفترقان من حيثُ إن العدَّة سُبِقَت بطلاقٍ، والإيلاء لم يُسبَق بطلاقٍ.

قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي اليَمِينِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الإِيلَاءُ).

وهذه المسألة يشير بها العلماء إلى اليمين التي يكون بها الإيلاء فيما إذا كانت هي اليمين المعروفة بأن يحلف الزوج بالله أو بصفةٍ من صفاته سبحانه وتعالى، كأن يقول: (أَقسَمتُ بالله ألَّا أَطَأَكِ أكثر من أربعة أشهُرٍ)، أم أنَّ بإمكان الزوج تَجاوُز ذلك بحيثُ يقول مثلًا: (إن وطئتُكِ فعبدي حُرٌّ، أو: أنتِ عَلَيَّ كظهر أمي، أو: فأنتِ طالقٌ، أو: إذا وطئتُكِ سَأُصَلِّي كذا ركعة، أو: سأفعلنَّ كذا).

قوله: (فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: يَقَعُ الإِيلَاءُ بِكُلِّ يَمِينٍ (١)).

وهذا هو رأي جمهور العلماء، فإليها يذهب مالكٌ (٢) وأبو حنيفة (٣)،


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (٢/ ٤٢٦)، حيث قال: " (باب الإيلاء يمين) زوج (مسلم) ولو عبدًا ومراده باليمين ما يشمل الحلف بالله أو بصفة من صفاته أو التزام نحو عتق أو صدقة أو مشي لمكة أو نذر، ولو مبهمًا، نحو: لله عليّ نذر إن وطئتك أو لا أطؤك".
(٢) التخريج السابق.
(٣) يُنظر: "فتح القدير" للكمال بن الهمام (٤/ ٢٠٣)، حيث قال: " (قوله ولو حلف =

<<  <  ج: ص:  >  >>