للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلًا قال لامرأته: (أنتِ طالق) دون أن يتلفظ بشيءٍ آخر، فإن هذا الطلاق إنما يقع طلقةً واحدةً، وكذلك لو قال لها: (أنتِ طالقٌ للسُّنَّة) فإنه يُحمَل على الطلاق الرجعيِّ، أما لو نَصَّ على الطلاق الثلاث فإنه يكون طلاقًا بائنًا.

فمذهب جمهور أهل العلم هاهنا في تطليق الحاكم للمولي أنه طلاقٌ رجعيٌّ؛ لأن الأصل في كلِّ طلاق وقع بالشرع أن يكون طلاقًا رجعيًّا، بخلاف الحنفية فإنَّ ما وَقَعَ من الطلاق بسبب الإيلاء إنما يكون عندهم طلاقًا بائنًا.

- قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١) وَأَبُو ثَوْرٍ (٢): "هُوَ بَائِنٌ"، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ كانَ رَجْعِيًّا).

فأبو حنيفة ومعه أكثر الكوفيين قد ذهبوا إلى أن الأشهُر الأربعة إذا انتهت دون أن يفيء الزوج فيها إلى زوجته فحينئذٍ تكون زوجته قد طُلِّقَت عليه طلاقًا بائنًا.

أما الجمهور فإنهم يَرُدُّون ذلك القول، ويَذهَبون إلى أن الزوجة بعد انتهاء المدة لها أن تطالِبَ بحقِّها، فإن طالَبَت فعلى الزوج إما أن يفيء إليها وإما أن يُطَلِّقَ، وإذأ وَقَعَ الطلاق فإنه حينئذٍ يقع طلاقًا رجعيًّا، إلا أن الحنابلة يُفرِّقُون بين أن يُطلِّق الزوج أو يُطلِّق عليه الحاكم، بحيثُ إن طَلَّق الزوجُ كان الطلاق عندهم رجعيًّا ما لم يكن طَلَّقَها طلقةً بائنةً، وإن كان الحاكم هو المُطَلِّقَ فعندهم روايتان في المذهب.


(١) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي (٣/ ٤٢٤)، حيث قال: " (وحكمه وقوع طلقة بائنة إن بر)، ولم يطأ (و) لزم (الكفارة، أو الجزاء) المعلق (إن حنث) بالقربان".
(٢) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ٣٥٧)، حيث قال: "وقال أبو ثور: هي طلقة بائنة لا يملك فيها الرجعة كما يجعل أبو حنيفة مضي المدة موقعًا لطلقة بائنة لا يملك فيها الرجعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>