للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة: ٢]، وأضاف إليه الظِّهارَ بذِكْرِ الجَدَّةِ؛ لأن الجدة ما هي إلا أمٌّ، ولكنه في المذهب الجديد قال بقول جمهور العلماء.

ومن المعلوم: أن القول الأخير للشافعي هو المعتمد في مذهبه ما عدا بعض المسائل التي التَقَى المذهبُ القديمُ فيها مع الدليل من الكتاب أو السنة، ففي هذه المسائل وحدها يُعتَمَدُ المذهبُ القديمُ عملًا بقول الشافعي رحمهُ اللهُ: (إذا صَحَّ الحديثُ فهو مذهبي) (١).

- قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: "يَكُونُ بِكُلِّ عُضْوٍ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِ" (٢)).

فأبو حنيفة هاهنا إنما وَافَقَ الجمهورَ في شيءٍ وخَالَفَهُم في شيءٍ آخَرَ، بمعنى: أنه وافَقَهم في الظهار بالأعضاء الأخرى، لكنه خالَفَهُم في أنه يُقيِّدُ ذلك بالأعضاء المستورة التي يَحرُمُ على غير الزوج النَّظَرُ إليها كالبطن والفرج والفخذ.

- قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ المَعْنَى لِلظَّاهِرِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى التَّحْرِيمِ تَسْتَوِي فِيهِ الأُمُّ وَغَيْرُهَا مِنَ المُحَرَّمَاتِ، وَالظَّهْرُ وَغَيْرُهُ مِنَ الأَعْضَاءِ، وَأَمَّا الظَّاهِرُ مِنَ الشَّرْعِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَلَّا يُسَمَّى ظِهَارًا إِلَّا مَا ذُكِرَ فِيهِ لَفْظُ الظَّهْرِ وَالأُمِّ).

والدليل على استواء الأُمِّ وغيرها من المحرَّمات في ذلك أن الله سبحانهُ وتعالى قال: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: ٢]، وعندما يقول الزوج لامرأته: (أنتِ علَيَّ كظهر جدتي، أو: عمتي، أو:


(١) يُنظر: "المجموع" للنووي (١/ ٦٣)، حيث قال: "وروي عنه إذا صح الحديث خلاف قولي فاعملوا بالحديث واتركوا قولي، أو قال: "فهو مذهبي"، وروي هذا المعنى بألفاظ مختلفة".
(٢) يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٢/ ٢٦٥)، حيث قال: "وإذا قال أنت عليَّ كبطن أمى أو كفخذها أو كفرجها فهو مظاهر؛ لأن الظهار ليس إلا تشبيه المحللة بالمحرمة، وهذا المعنى يتحقق في عضو لا يجوز النظر إليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>