للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول: (أنتِ كأمي)؛ لأنه ليس ظهارًا صريحًا، فقد يكون يقصد بذلك احترامها وتكريمها وإخبارها بأن حُبَّهَا ومكانتَها في نفسه كبيرةٌ كَمَكَانَةِ أُمِّهِ.

والمالكية في هذه المسألة يذهبون إلى أن هذا القول منه يُعَدُّ ظهارًا.

أما جمهور العلماء (١) فقالوا بالرجوع إلى نِيَّتِه فيما إذا كان أراد من ذلك الظهارَ أم أنَّه أراد إبلاغَها بمدى حُبِّهِ وتقديرِه لها، فيُرجَع إلى نِيَّتِه، كما جاء في الحديث الصحيح: "إنَّما الأعمال بالنيات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى" (٢)، وهذا القول بِمُجَرَّدِهِ لا يُفهِمُ حقيقةَ المرادِ، ولذلك نجد أن هناك من العلماء مَن قال بكراهة أن يقول الزوج لزوجته: (يَا أُخَيَّةُ) (٣).


(١) تقدم في ذلك قول الحنفية، والشافعية، أما قول الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٦٦)، حيث قال: " (و) إن قال لها (أنت عليَّ) كأمي أو مثل أمي (أو) قال: أنت (عندي) كأمي أو مثل أمي (أو) أنت (مني) كأمي أو مثل أمي (أو) أنت (معي كأمي أو) معي (مثل أمي وأطلق) فلم ينو به ظهارًا ولا غيره (فـ) هو (ظهار)؛ لأنه المتبادر من هذه الألفاظ (وإن نوى) بأنت عليّ أو عندي أو مني أو معي كأمي أو مثل أمي (في الكرامة ونحوها) كالمحبة (دين وقبل حكمًا) لاحتماله وهو أعلم بمراده، (و) إن قال لها (أنت أمي أو) أنت (كامي أو) أنت (مثل أمي) ولم يقل: عليَّ أو عندي أو مني أو معي (ليس بظهار إلا مع نية) ظهار (أو قرينة)؛ لأن احتمال هذه الصور لغير الظهار أكثر من احتمال الصور التي قبلها له وكثرة الاحتمالات توجب اشتراط النية في المحتمل الأقل ليتعين له؛ لأنه يصير كناية فيه والقرينة تقوم مقام النية".
(٢) أخرجه البخاري (١).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير" لابن الهمام (٤/ ٢٥٣)، حيث قال: "فقد صرحوا بأن قوله لزوجته يا أخية مكروه".
وهو مذهب المالكية، ينظر: "منح الجليل شرح مختصر خليل" للشيخ عليش (٤/ ٩٠)، حيث قال: "لزوجته (يا أمي ويا أختي) الواو بمعنى أو ومثله يا بنيتي أو عمتي أو خالتي. ابن عرفة وفيها لمالك - رضي الله تعالى عنه - قوله: يا أمه أو يا أخيته أو يا عمته أو يا خالته لا شيء فيه، وهو من كلام أهل السفه. قلت كونه منه دليل حرمته أو كراهته".
وكذا مذهب الحنابلة. ينظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٦٦)، حيث قال: " (فلغو ك) قوله: (أمي) امرأتي (أو أختي امرأتي أو مثلها)، أي: أمي أو أختي مثل امرأتي ونحوه (وك) قول أنت علي (كظهر البهيمة) فليس ظهارًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>