للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو أن الظهار يحرم الوطء في الفرج فقط، وهي الرواية الأخرى عن الإمام أحمد (١) كذلك.

مما يفيد أن أكثر الأئمة قالوا بالقول الأول، وإنما قَصرَ المؤلِّف في عدم ذِكْرِ القول الآخر لكلٍّ من الإمامين الشافعي وأحمد.

والسبب في ذهاب الأكثر من العلماء إلى القول الأول هو الأخذ بالاحتياط، فبالرغم من أن القول الثاني أقرب لِنَصِّ الآية إلا أن العلماء دائمًا يأخذون بالأحوط، عملًا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (٢)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حَام حول الحمى يوشك أن يرتع (٣) فيه" (٤).

- قوله: (وَدَلِيلُ مَالِكٍ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣]، وَظَاهِرُ لَفْظِ التَّمَاسِّ يَقْتَضِي المُبَاشَرَةَ فَمَا قَوْقَهَا، وَلِأَنَّهُ أَيْضًا لَفْظٌ حَرُمَتْ بِهِ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ لَفْظَ الطَّلَاقِ).

ولا شكَّ أن الأظهَر في قوله تعالى: {يَتَمَاسَّا} أنَّه يراد به الجماع، لكن كذلك يحتمل أنه يراد به اللمس ونحوه.

- قوله: (وَدَلِيلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ المُبَاشَرَةَ كِنَايَةٌ هَاهُنَا عَنِ الجِمَاعِ بِدَلِيلِ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الوَطْءَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَلَّتْ عَلَى الجِمَاعِ لَمْ تَدُلَّ عَلَى مَا فَوْقَ الجِمَاعِ).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه الترمذي (٢٥١٨) من حديث الحسن بن عليّ مرفوعًا عن أبي الحوراء السعدي، قال: قلت للحسن بن علي: ما حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة"، وصححه الألباني في "الإرواء" (١٢).
(٣) قال ابن فارس: "الراء والتاء والعين كلمة واحدة" وهي تدلُّ على الاتساع في المأكل.
تقول: رتع يرتع، إذا أكل ما شاء، ولا يكون ذلك إلا في الخصب. والمراتع: مواضع الرتعة، وهذه المنزلة يستقر فيها الإنسان". "مقاييس اللغة" (٢/ ٤٨٦).
(٤) أخرجه البخاري (٢٠٥١)، ومسلم (١٥٩٩) عن النعمان بن بشير.

<<  <  ج: ص:  >  >>